الأمر لا يحتاج إلى تحليل فلسفى، أو دراسات فى علوم السياسة، فأنت تستطيع من النظرة الأولى أن تتوقع حالة من الفوضى فى الحركة الحزبية المصرية، نتيجة الشتات والتمزق فى تأسيس هذا العدد الهائل من الأحزاب الليبرالية مرة واحدة، وتستطيع أيضا أن تتوقع تعثر العمل البرلمانى فى مجلس الشعب المرتقب، نتيجة وجود التيار الليبرالى فى كيانات قزمية، تتردد فى الاندماج تحت مظلة واحدة، أو خلف مشروع وطنى مصرى كبير.
صراعات القيادة فى الأحزاب الصغيرة، هى أحد الأمراض التى قادت أحزاب ما قبل ثورة يناير إلى الجمود وعدم الفاعلية، ونحن كمواطنين، يمكننا أن نغفر لأحزاب ما بعد الثورة حالة الحماسة، التى تدفع الجميع إلى الرغبة فى المشاركة من موقع القيادة، والمنافسة على تولى دفة المسؤولية، لكن هذا الغفران لن يدوم كثيرا إن لم تستطع الأحزاب الجديدة أن تعبر عن هذا الشتات، وتجعل من هذه التنظيمات الوليدة قوة سياسية مؤثرة تحمى مصر من التأخر الفكرى، ومن التراجع عن مسار الديمقراطية.
الشعب لن يغفر لهذه الأحزاب الجديدة أبداً إن غرقت فى الصراعات الحزبية، والانشقاقات، والحروب على المناصب، وتركت البلاد بلا بوصلة تنموية، وبلا مشروع وطنى كبير.