إبراهيم داود

الصوت العالى

السبت، 27 أغسطس 2011 04:53 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هبت منظمات المجتمع المدنى ضد ما سمته الحملات الإعلامية ضدها، وتقدمت بشكوى إلى الأمم المتحدة «شخصياً»، واعتبرت أن بعض القوى السياسية ذات المرجعية الدينية خاصة الإخوان وبعض القوى السلفية وبعض أنصار النظام السابق هى المسؤولة عن تلك الحملات - حسب بيان المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدنى وحقوق الإنسان - وكأن المتهمين لهم تاريخ طويل ضد التمويل الأجنبى، ويعرف الشعب مصدر أموالهم ويعرف كيف تنفق.
المشكلة أنه فى حالة السيولة التى تشهدها الحياة السياسية، و«الأخذ بالصوت العالى» فى كل الاتجاهات، من الصعب أن تعبر عن رأيك بسهولة، رأيك الذى تؤمن به طوال عمرك، لأن الذى يمولك - أمريكيا كان أو أوروبياً أو سعودياً أو قطرياً - يحبك ويريد أن يأخذ بيدك لكى تكون بلدك أفضل، وأتساءل: هل كانت هذه الدول أو المنظمات تريد الإطاحة بحسنى مبارك؟ وهل كان الذين تلقوا التمويل من معارضى نظامه؟

لقد صنع الممولون شريحة من «الممولين» تحولت إلى سلطة، وتعتبر الذى يرفض التدخل الأجنبى فى الشؤون الداخلية بعيداً عن عين الدولة حاقداً أو ينتمى إلى اتجاهات «مش شايفة الدنيا»، لم نسمع عن منظمة أوروبية أو أمريكية أو قطرية تدعم شبابا يقاومون التطبيع مع العدو الصهيونى أوضد الكويز أو ضد بيع الغاز لإسرائيل أو ضد الخصخصة فى مصر، وهى قضايا كانت تستحق الدعم من المجتمع المدنى «الممول» من الخارج، لا أحد ينكر الدور الذى لعبته تلك المنظمات فى توثيق عشرات الجرائم ضد المتظاهرين وفضح انتهاكات الداخلية، ولكن الفضل يعود إلى الثورة وإلى شهدائها، ولا يعود إلى الذين قاموا بأدوار عظيمة.. بـ«فلوس كتيرة».

الغضب الشعبى الصادق ضد إسرائيل والتعبير عنه بعيدا عن القوى السياسية المشغولة باقتسام السلطة (أو اغتصابها)، ومشهد أيقونة هذا الغضب أحمد الشحات، الذى وضع علم بلاده فى مكانه الطبيعى على النيل، يعنى أن «بشاير» الثورة ظهرت، وأن الشارع استرد عافيته وأصبح صاحب القرار، رغم بعض المنغصات، التى تظهر بين الحين والآخر، ففى الوقت الذى ينبغى أن نحتفل فيه بسلامة الوجدان، الذى يعرف من عدوه ويريد القصاص لشهدائه، وأن نفكر معا فى مصر دولة حديثة منحازة للمستقبل مؤمنة بالعلم والتقدم - وتحترم الاختلاف والتنوع، ستجد من يقرر «ضرب» السياحة ويتحدث عن تحريم ارتداء المايوه «فى البحر»، وتجد من الصحفيين الكبار من يدافع عنه، ومنهم من يعتبر الاعتذار الإسرائيلى مقبولاً (على السلمى)، وأن تقرأ فى برنامج حزب سياسى كلاما عن تخليص الفنون من الشهوات (لا تعرف كيف؟)، ومرشح للرئاسة يقول: «لو المجلس العسكرى أصر على إصدار إعلان دستورى يتضمن المبادئ فوق الدستورية مش هاسيبه!»، وستجد خالد مشعل يقبل رأس محمد بديع قبل تحرير القدس الشريف، وستجد القوى الإسلامية منقسمة حول «جمعة طرد السفير الإسرائيلى».

لقد أصبح رجال الدين يملأون الدنيا كلاما فى السياسة كأنه كلام فى السياسة، ويلعب معهم «فى الفضاء» النخبة، التى صنعها رجال أعمال مبارك واعتبروا أنفسهم طوال الشهور الستة الماضية من ضحايا النظام السابق، وأنهم حماة الثورة، وبعضهم يعتبر نفسه مفجرها، إن الغضب الشعبى الذى صاحب استشهاد المصريين فى سيناء أكبر من كل هؤلاء، وبعث فى التفاؤل من جديد، وأكد لى أن الذين قاموا بهذه الثورة لن يسمحوا لأحد أن يتحدث نيابة عنهم أو يبتزهم.








مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

حسام بهجت

افتراضات خاطئة ونتائج خاطئة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة