بعض الوزراء فى حكومة الدكتور عصام شرف خاصة من الذين جاؤوا من المعارضة أو من كانوا من أصحاب الأفكار والرؤى التقدمية، توسم فيهم الناس مع توليهم المناصب الحكومية الكثير، وتوقعوا أن يحدثوا ثورة فى التعامل والتفكير مع القضايا العامة وعدم التقيد بالطرق النمطية والأساليب البيروقراطية فى تنفيذ الخطط والمشروعات العامة.
لكن فيما يبدو فإن الجلوس على مقاعد الحكومة وجاذبية الأضواء والشهرة لها اعتبارات وحسابات أخرى تفرض على المعارض، الذى انتقل إلى كرسى الحكومة أن يقدر لكلامه وأحلامه و«لقدمه قبل الخطو موضعها» - على رأى الشاعر القديم - ولذلك الكثير من الناس أصيبوا بالصدمة وبخيبة أمل فى أداء وزراء المعارضة، الذين انتقلوا إلى مقاعد الحكومة. وهناك إحساس عام بأن عدوى الخوف وعدم التورط فى أى قرارات أو مشروعات أصبحت سمة عامة فى أداء كل وزراء حكومة الدكتور شرف وأن الكل يسير الأعمال أو يمرر الأيام على أن تأتى حكومة ما بعد الانتخابات البرلمانية، وتتحمل مسؤولياتها. وأظن أن هذا يخالف الضمير الوطنى فى أداء العمل العام أو تحمل مسؤولية وطنية فى أوقات وظروف صعبة عسيرة كالتى تمر بها مصر الآن.
كنا نتوقع الكثير من أصحاب الفكر الليبرالى والتقدمى واليسارى فى حكومة شرف الذين جاؤوا من ميدان التحرير إلى الحكومة مباشرة. كنا نتوقع أن يقدم بعض منهم على طرح أفكار ومشروعات على المستوى القومى تدفع الناس إلى الشعور بأن الثورة والتغيير قد نزل من دائرة النخبة والائتلافات والأحزاب إلى دائرة أصحاب الثورة الحقيقيين من الطبقة العريضة من الشعب فى القرى والنجوع والكفور، الذين يتوقون إلى التغيير الحقيقى، الذى لم يصلهم حتى الآن وتوقف عند محطة القاهرة..!
وأضرب مثلا فقط بالدكتور عماد أبوغازى وزير الثقافة الحالى بحكم انتمائه الفكرى لليسار المصرى أو هكذا يعرفه الناس. فقد توقعنا أن يطرح الدكتور عماد على الفور مشروع إعادة إحياء الثقافة الجماهيرية أو ما يسمى بقصور الثقافة فى المدن والقرى خارج القاهرة واستعادة الدور المفقود لها وعودة أنشطة الثقافة الحقيقية إلى جماهير الشعب مثلما كانت فى الخمسينيات والستينيات، والتى ساهمت بشكل حقيقى فى بناء الوعى الاجتماعى والحس الوطنى والانتماء وترسيخ مبدأ الثقافة للجميع، وليس لأهل الصفوة فى القاهرة فقط. فهل يستطيع الدكتور عماد تحقيق هذا الإنجاز؟ ما زال لدينا الأمل.