النظام الاستبدادى الذى يحاول تهشيم يد وأصابع المبدع والفنان على فرزات.. رسام الكاريكاتير السورى الشهير، يلفظ أنفاسه الأخيرة، فلم يعد قادرا على احتمال ريشة فنان، أو قلم مبدع.. هو كل سلاحه فى المقاومة فى وجه القمع والمجازر التى يقوم بها نظام بشار الأسد ضد الشعب السورى، منذ نحو خمسة شهور.
الشراسة والعدوانية والهمجية التى تم بها الاعتداء على فرزات، يعنى أن نظام بشار وصل إلى أقصى مراحل القمع ضد شعبه، وهى المرحلة الأخيرة من عمر هذا النظام، ليلحق بقطار النهاية مع زين العابدين، ومبارك، والقذافى، وبن صالح، ليكون رابعهم أو خامسهم.
تركيز بلطجية وعملاء أو شبيحة النظام السورى على يدى فرزات، كان رسالة إلى أن بشار وأركان نظامه المتهاوى، لن يسمح بأى معارضة حتى لوكانت من رسومات كاريكاتيرية، لا يملك صاحبها من أسلحة المقاومة ضد قمع حرية الشعوب، سوى ريشة وألوان، تقف فى وجه دبابات ومدافع وشبيحة النظام السورى.
لم يعد الأسد مبالياً أو مهتماً بتحسين صورته الملوثة بدماء آلاف الشهداء من الشعب السورى الذى يناضل من أجل حريته، فآلة القمع تستدير الآن إلى أصحاب الفكر والمثقفين والمبدعين، فلاحصانة لأحد مهما بلغت شهرته العربية والعالمية. فالفنان على فرزات من أشهر رسامى الكاريكاتير العرب، الذين حصلوا على شهرة عالمية، وفاز بالعديد من الجوائز العربية والعالمية، مثل الجائزة الأولى فى مهرجان صوفيا الدولى فى بلغاريا (1987)، وجائزة الأمير كلاوس الهولندية (2003) وقد جلبت له تلك الجوائز شهرة عالمية كبيرة، لما لرسومه الكاريكاتورية من قيمة رفيعة، عملت على نقد الاستبداد والديكتاتورية للنظام السورى الذى حاول فى البداية إبداء نوايا الإصلاح فسمح له عام 2001 بإصدار أول جريدة مستقلة فى سوريا، منذ عام 63 وهى جريدة «الدومرى»، وشهدت رواجاُ كبيراً فى سوريا، لكن بشار ونظامه لم يحتمل الصحيفة وقرر إغلاقها، وسحب ترخيصها عام 2003، بعد أن أصبحت فى فترة قليلة، المعبر عن صوت وضمير الشعب السورى.
ما حدث لرسام الكاريكاتير العربى السورى على فرزات الخميس الماضى فى سوريا، حدث ما يشابهه مع المبدع الفلسطينى رسام الكاريكاتير ناجى العلى، الذى اغتالته رصاصات مجهولة من أنظمة لم تحتمل أيضا رسوماته وانتقاداته فى لندن عام 97.
لكن بقى ناجى فى ضمير وتاريخ أمته، وبقيت رسوماته وابداعاته، وذهب الذين اغتالوه إلى مزبلة التاريخ، مثلما سيبقى فرزات وستبقى رسوماته.