د. بليغ حمدى

إلى أين ستأخذنا هذه الحكومة؟

الثلاثاء، 30 أغسطس 2011 11:27 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ أيام لا تتخطى أصابع اليد الواحدة هدد مواطن ممن ينتمون إلى ذوى الاحتياجات الخاصة بحرق نفسه عقب فشله فى مقابلة رئيس الحكومة الدكتور عصام شرف الذى تواجد بميدان الثورة أثناء مظاهرات أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية.

ومنذ أيام أيضاً جاء اعتذار رئاسة مجلس الوزراء عن الخطأ الذى ارتكبه البريد الإلكترونى بشأن سحب السفير المصرى من تل أبيب بعد أحداث الكيان الصهيونى الغاشم والتى أسفرت عن استشهاد بعض رجالنا الأوفياء حماة حدود مصر الشرقية.

ومنذ أسابيع ليست بالقليلة أيضاً لم أستمع إلى تصريح خاص برئيس الحكومة بخصوص إحالة المدنيين إلى المثول أمام المحكمة العسكرية، كل ما أستمع إليه أن الحكومة تطالب بوضع حد أدنى للأجور، وأنها تطالب بضرورة تحقيق الرفاهية المجتمعية لشعب الثورة التى أسقطت نظاماً فاسداً رغم أن بعضاً من بقايا لا يزال يعشش فى المؤسسات الحكومية لاسيما التعليمية منها، وأن الحكومة تعد المواطن بتمثيل حزبى عادل لكافة الطوائف والفرق التى بدأت تمزق جسد هذا الوطن.

ولا تزال التظاهرات الفئوية تخترق صدر الحكومة شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، ورغم ذلك تصر الحكومة الحالية على موقفها بضرورة التخلى عن هذه المطالب فى المرحلة الحالية، ويبدو أن وزراء الحكومة الحالية ورئيسها تخيلوا أن الشعب المصرى ينتمى إلى فصيلة من الملائكة لا البشر، وأن أولادهم هم الذين سيحصدون نتائج الثورة، وهذا المنطق فى التفكير والتخيل جعلنى أعود بالوراء بضعة شهور حينما عقد مؤتمر الحزب الوطنى المنحل والبائد بعنوان (علشان تطمئن على مستقبل أولادك) الذى انتقدته يوما لأنه يجب أن يكون (علشان تطمئن على مستقبلك أولاً ومستقبل أولادك) لأنه حينما يصبح أولادنا شباباً ورجالاً نكون نحن أصبحنا ليس تحت خط الفقر بل الفقر نفسه.

وكنت قد تنبأت بتقويض أركان الحزب الوطنى، لأنه يتعامل مع المواطن الذى لم يعد بسيطاً أو عادياً بمنطق بطاقة الشحن المدفوعة مقدماً وربما الهاتف الجوال نفسه لا يعمل أو لم يعد صالحاً للتشغيل، يتحدث عن مستقبل ومنطق وعالم افتراضيين مثل بحوثنا الأكاديمية بالجامعات ولا يشير إلى واقع مرير ومضطرب.

ولكى أطمئن فى تصريحات الحكومة التى تطالب دائماً والشعب يفعل ما يريد، لابد وأن نشارك بجدية فى إقامة وتشييد دولتنا بدلاً من المشاركة فى التصريحات التى تصدر من الحكومة، هذا المصطلح وهو التشييد الذى بالضرورة غائب عن أذهاننا رغم أننا نطالعه يومياً فى الصحف القومية والحزبية والمستقلة والصفراء والحمراء، دون الوعى بكنهها، وهذا التغيير فى العقل الراكد لابد وأن يصاحبه تغيير وتعديل فى بنية التعليم الذى ترهل وبدا مريضاً يعانى من حالات مرضية مستدامة ، وبدلاً من الاهتمام بمشكلات الوزارة بكادر المعلم وقضايا الكتب الخارجية بساحات المحاكم، وبقضايا تحرش المدرسين بالطالبات ، علينا أن نوجه اهتمام وزارة التربية والتعليم ويا رب التفكير ، بضرورة تطوير مناهجها لا نظم الدراسة وسنوات التعليم وطرق الاختبار ، بل المحتوى والأنشطة.

فالغريب أن الحكومة التى تطالب بضرورة توفير أسطوانات البوتجاز بمبلغ قليل لا يتجاوز الخمسة جنيهات، أعلنهم بأننى لازلت أشتريها أنا وغيرى بمبلغ يتجاوز الخمسة وعشرين جنيها، وفى بعض الأماكن تجاوز الأربعين، رغم ذلك لم أجد مسئولاً عن الحكومة الحالية بجانب وزير التربية والتعليم يظهر ويعلن علينا ملامح التطوير والتغيير والتشييد الذى سيحدث فى مناهجنا التعليمية التى ستقدم بعد أسابيع لأبنائنا، هذا المنطق فى التدبير يذكرنا بسياسات الحكومات البائدة فى عهد المخلوع حسنى مبارك.

وهذه السطور لا تحمل نقداً للحومة الحالية فأنا مشارك فى بناء وتشييد هذا الوطن، بقدر ما تحمل عتاباً رقيقاً لها، أنا لا أريد أن تحدثنى عن مستقبل به شواطئ ومراكب وسمك مشوى، ولا أرغب فى الإنصات عن معدلات نمو تذكرنى بحديث الدكتور عاطف عبيد رهين التحقيق والحبس، أو الدكتور يوسف بطرس غالى رهين الهروب، أو الحبيس أحمد نظيف ببياناته المستفيضة فى الأرقام والغموض، أنا أريد مياهاً، وخشباً أصنع به المركب، وسمكاً يتحرك، أملك وقتها أن أشويه أو أقليه أو أرميه مرة أخرى فى البحر.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة