كل سنة وأنتم طيبون، حسمنا الخلاف بين الحسابات الفلكية وحسابات العين المجردة، لكن بقيت الحسابات السياسية مستعصية على الحسم. وحتى فى العيد لم يخل الأمر من تصدير للخلافات.. الحسابات السياسية معقدة لأن المعلن منها غير المخفى، والسرى أكثر من العلنى، والسياسيون يضيقون الخيارات الواسعة ويعقدون الأمور البسيطة.
لقد كانت حسابات الثورة فى ميدان التحرير أكثر وضوحا وبساطة ولاتزال أهداف الثورة فى عقول وقلوب طليعتها من الشباب أوضح من حسابات السياسيين والطامحين والمتقافزين. وكلما جاءت الفرصة لاستعادة روح الميدان يهدرها مغامرون وخطباء يصرون على اختراع العجلة ويدخلون الناس فى فرقة وحيرة.
قامت الثورة من أجل الحرية والعدالة والمساواة، وأن يكون المواطن شريكا فى تخطيط مستقبله وليس مجرد متفرج. وأن يضمن لنفسه ولأبنائه الحد الإنسانى فى العمل والأجر والعلاج والتعليم والشارع والأمن. لكن هذه المطالب البسيطة تزداد تعقيدا على أيدى السياسيين، كان المتوقع أن يكون الخلاف حول شكل التعامل مع القضايا الرئيسية وألا يتوقف عند المسميات.
وليتنافس المرشحون حول برامج وليس حول أسماء، الدولة العادلة هى الهدف، وهى التى تنهى عصر الحاكم الفرد فى كل مكان، وتضع المواطن فى مركز الفعل وتخرجه من رد الفعل والفرجة، وتزيل آثار عقود من التلاعب أفسدت روح المبادرة وشوهت قدرة كثيرين على الاختيار، والشعب ليس هو الذى فى التوك شو ولا الصارخ على المنصات، الشعب فى الشوارع وروحه فى ميدان التحرير، وقلبه كان ينبض نبضا واحدا.
ربما علينا، ونحن فى العيد، أن نبحث عن مصر بحسابات القلب وليس بحسابات السياسة التى تفرق أكثر مما توحد.
لا نريد أن نستبدل الحزب الوطنى بحزب حاكم آخر يفرض توجهاته وآرائه، ولا أن نستبدل وجوها بوجوه وأسماء بأسماء، وأشخاصا بأشخاص. فالطريق إلى المستقبل مفروش ببقايا التسلط المعشش فى نفوس بعض السياسيين، والبراءة الثورية تحتاج لبعض الأنياب لمواجهة ألاعيب المحترفين، الذين استبدلوا الملابس ولم يغيروا أطماعهم.
والرهان على أن الرغاوى والغثاء سوف تذهب جفاء، ولن يبقى سوى ما ينفع الناس، وما يحقق مطالب المصريين، فى دولة العدل والمساواة والحرية. ومقابل كل العلامات والسلوكيات التى تدفع للخوف والقلق على المستقبل، هناك إشارات كثيرة على أن المصريين قلب واحد معتدل حضارى، وأن قطع الطرقات والدفع نحو الفرقة والانقسام والتعصب، إنما كلها أعراض لبقايا تسلط استمر عقودا وترك آثاره فى بعض النفوس، والرهان على أن تنتصر حسابات القلب على حسابات السياسة، وأن العيد سيكون واحدا خاليا من الانتهازيين وصناع الفتن.
المصريون الذين أطاحوا بمبارك ونظامه بعد أن ظن أنه مخلد، قادرون على أن يعيدوا البهجة للمستقبل، بعد أن يتخلصوا من آثار التسط المزمن.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمدالحريري
كل يوم بتكبر في نظرنا اليوم السابع الجريدة والموقع (اكرم القصاص)الصحفي الحر
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال المتولى جمعة
مصر الى القمة