لا تحاول أن تخبرنى بأنك لم تستمتع برؤية مبارك وجمال وعلاء والعادلى داخل قفص الاتهام، لا تحاول أن تخدعنى بأنك أدمعت وقلبك أصابه بعض الرقاقة، وروحك امتلأت بالشفقة، وتفكر فى أن تخرج لتقول: «كفاية كده.. الراجل اتذل بما فيه الكفاية».
لا تحاول أن تفعل أيا من هذه الأشياء العاطفية، لأننا لا نتحدث عن سائق عربية نقل دهس سيارتين ملاكى بطريق الخطأ، بل نتحدث عن مسجل خطر انتحل صفة رئيس واحترف سرقة أفراح هذا الوطن ومستقبله.
أنا لا أدعوك للتشفى أو الشماتة ياصديقى، فتلك أمور قد تأخذ بعضا من ثواب صيامك، ولكن أدعوك لأن تتذكر حصاد ثلاثين عاما مضت من إهدار الكرامة، وأدعوك أيضا ألا تستسلم لفكرة أن المعروض على الشاشة حلقات لمسلسل رمضانى طويل يتطلب منك التفرغ لمتابعته، وهو أيضا ليس الشوط الأول من مباراة القمة التى تستدعى أن تترك أعمالك وعيالك وتغلق على نفسك الباب للانفراد بأحداثها.
أدعوك لأن تتوقف قليلا لتؤكد لنفسك أن محاكمة مبارك ومشاهدته داخل قفص الاتهام، ما هى إلا مطلب واحد من ضمن مطالب هذه الثورة، وهو ليس أهمها أو أعظمها، وإن كان أكثرها إثارة، عظيم جدا أن يكون مبارك داخل القفص لا يملك سوى أن يختطف النظرات المرتعشة للجمهور، وجميل جدا أن يظهر جمال الذى كان يُمهَد له الطريق نحو الرئاسة فوق أجسادنا وهو كسير خلف القضبان يجنى ثمار ما زرعه طمعه وطموحه غير المشروع، والأعظم من هذا والأجمل من ذاك أن يرسم التاريخ هذا المشهد ليبقى فى ذاكرة مصر شاهدا على عظمة وإرادة شعبها، ومحفورا على الصخر كعبرة وعظة لكل قادم نحو كرسى الرئاسة أو أى كرسى آخر بطعم السلطة والمسؤولية، ولكن ليس عظيما أبدا أن تتحول محاكمة مبارك إلى فقرة تليفزيونية يتخطى الهوس بها كل الحدود ويجبر الناس على الجلوس لمتابعة تفاصيلها والانشغال بأحداثها عن مستقبل الوطن ومستقبل الثورة، ليس عظيما أبدا أن يخرج علينا كبار مثقفينا والبعض ممن نصبوا أنفسهم متحدثين باسم الثورة ليخبرونا بأن وجود مبارك فى القفص هو منتهى الثورة، وأن المجلس العسكرى يستحق كل التحية، ليس عظيما أبدا أن يتم اختزال تلك الثورة فى مشهد واحد قد لا يعنى الكثير إذا لم ننجح فى تطهير البلاد فعليا من الفساد وتحقيق ما نرجوه من الحرية والعدالة الاجتماعية، ووضع خريطة طريق حقيقية نحو مستقبل أكثر إشراقا من الحاضر الذى نعيشه.
ستختفى عظمة المشهد إن نجحوا فى أن يشغلونا بمحاكمة مبارك عن متابعة ما يحدث فى الفترة الانتقالية، لن يكون فى المشهد أى فرحة أو تأريخ إن بقينا على حالنا مشغولين بـ«مناخير» السيد الرئيس، ومصحف علاء وجمال، لن يكون فى المشهد أى تسجيل للتاريخ لو بقيت تلك التفاصيل السخيفة لبعض السادة المحامين الباحثين عن الشهرة وهم يتعاركون مثل صغار الحضانة على الميكروفون.
شاهدنا مبارك فى القفص وارتوت المساحات القاحلة والعطشى للانتقام والتشفى ورؤية عدل الله فى أرضه، فلنعد إذن لنتابع مسار هذه الثورة حتى لا تضل أو تضيع فى غفلة منا، ونحن مدركون أن مشهد وجود رجل خلف القضبان، حتى ولو كان رئيسا مخلوعا، ربما يحقق إيرادات جيدة فى شباك التذاكر، ولكنه لا يكفى للفوز بأى جائزة فى مهرجانات النهضة والتقدم.. وحدها بقية مطالب الثورة هى القادرة على صنع ذلك.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن مصري حر
عبدة الشياطين عبدة مبارك
عدد الردود 0
بواسطة:
كريم فرج
عند البراءة
عدد الردود 0
بواسطة:
حمدى صالح
بس فيلات شرم الشيخ ... طب ايه اخبار الكسب غير المشروع ؟؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
علاء الدين
إلى الأخ رقم 2
عدد الردود 0
بواسطة:
مينا
الحقد
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمس
الى التعليق رقم 4
قول لنفسك الكلام دا قبل ما تقوله للناس
عدد الردود 0
بواسطة:
د شريف
برافو
برافو
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
ياراجل
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد سامى مناع
عبره
عدد الردود 0
بواسطة:
000 علاء الدين بديـــــــوى 000
000 مصر المتحضرة 000