خالد الشريف

محاكمة فرعون.. بداية مصر الجديدة

الأحد، 07 أغسطس 2011 04:53 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
محاكمة الفرعون وظهوره فى قفص الاتهام بدايةٌ حقيقية لمصر الجديدة، ونَجَاحٌ فعلىٌّ للثورة المصرية التى كانت ولاتزال عَصِيَّةً على الالتفاف عليها أو المماطلة فى الاستجابة لمطالبها.. وجاءت محاكمة مبارك لتؤكِّد أنه مضَى عهد الحكم الشُّمُولى والرئيس المُسْتَبِدّ.. والحاكم الإله.. التاريخ اليوم بمحاكمة مبارك يرسم مستقبلَ مصر..

لقد كُنَّا على موعد مع انتصارٍ عظيمٍ للإرادة الشعبية ولسيادة القانون؛ فلعلَّه بمحاكمة مبارك تَقَرُّ أعين أُسَر الشهداء الذين فقدوا أبناءهم وذَوِيهم فى ثورة الخامس والعشرين من يناير.. لقد كانت محاكمة مبارك تبدو ضربًا من خيال وحلمًا رَاوَد الثوارَ طوال أيام الثورة، لكنها أصبحت الآن حقيقةً بفضل إصرار الثوار والشعب المصرى العظيم الذى لم يتنازل عن المحاكمة والقصاص من حاكمه الظالم..

يومُ المحاكمة هو يوم عظيم فى مَسَار الثورة المصرية، بل هو يوم عظيم فى تاريخ العرب؛ ونحن نرى للمرة الأولى حاكمًا سابقًا يُساءل أمام القاضى الطبيعى عن قتل شعبه ونَهْبِ وسَرِقة ثرواته وإفساده للحياة السياسية، إنها رسالة تستحِقُّ التدبُّر والتفكير من حكَّام الوطن العربى كافة، الذين ظَنُّوا أنهم فى مَأْمَن من يد العدالة وأنَّ شعوبهم لن تستطيع النَّيْل منهم أو محاكمتهم.. وهى رسالة لكل الحكام الطُّغاة المستبدين الذين لا يزالون يرتكبون الجرائم فى حقِّ شعوبهم دون أن يتَّعظوا من مصير مبارك وأعوانه... ليت بشار الأسد الذى قتل العشرات فى أول يوم من رمضان فى مدينة حماة أن يتَّعظ ويتراجع، وليت القذافى يَعِى الأمر جيدًا ويكفُّ عن إبادة وقتل شعبه ويتركه يقرِّر مصيره بيديه.

«اللهمَّ لا شَمَاتة» كلمة نُردِّدها ونحن نرَى رئيس البلاد السابق فى قفص الاتهام مُمَدَّدًا على سريره وابناه اللذان تقاسمَا معه جرائمه يحاولان أن يَحْجِبا كاميرات التلفاز عنه، فمبارك لم يجن عليه أحد إنَّما هو الذى جَنَى على نفسه.. وها هو يُحَاكم فى أكاديمية الشرطة القلعة التى شَيَّدها لحماية طغيانه واستبداده، والتى كانت فى سالف حكمه تحمل اسمه! ها هو يحاكم بيد شعبه فى ذات القلعة التى استخدمها فى ظلم وقتل شعبه «جَزَاءً وِفَاقًا».. إنَّها آية وعبرة أن ترَى المستضعفين الذين كان مبارك يُطاردهم ويقتلهم ويستبيح حُرُماتهم هم الذين يحاكمونه اليوم ويطالبون بالقصاص منه.

الغريب أنَّ المُدَرّعات والمُصَفّحات التى كانت تقتل وتضرب المتظاهرين هى نفسها المدرعات التى حملت زبانية وأعوان مبارك إلى قاعة المحكمة.

أعتقد أن الشعب المصرى فى عيد كبير وهو يرَى محاكمة رئيسٍ نَاءَ كاهله بحمل أمانة ذلك الشعب.. ومازال قطار الملاحقات القضائية فى طريقه لاستكمال محاكمات مَن أفسد الحياة السياسية، وخرَّب - عن عمدٍ- مُقدَّرات الوطن، وباع شركات ومؤسسات الدولة برخص التراب، ونهب وسرق ثروات البلاد.. نريد محاكمة مَن قتل وعذّب المعتقلين والدُّعاة الإسلاميين، نريد محاكمة الجناة من ضباط مباحث أمن الدولة الذين كانوا يبغونها عوجًا، نريد كذلك محاكمة المتورطين فى جرائم التصفية الجسدية للجماعات الإسلامية، نريد محاكمة قتلة علاء محيى الدين، وعبد الحارث مدنى، وماجد العطيفى، وخالد سعيد، وسيد بلال، وغيرهم من ضحايا أمن الدولة.. نريد محاكمة كلَّ من حوَّل مصر إلى مستوطنة للأمراض المزمنة من الكبد الوبائى والسرطانات والفشل الكلوى.. ولا نكتفى بمحاكمة الرئيس المخلوع فقط.

المحكمة أثبتت أن شعب مصر شعب عظيم ومتحضِّر، يصعب الالتفاف على مطالبه أو مماطلته؛ فهو شعب يُصِرّ على مطالبه مَهْمَا تعرَّض للضغوط، وإن السلمية عنوان ثورته التى لم تُلَوَّث بمطالب أو مصالح شخصية.

والحمد لله.. فمحاكمة مبارك تؤسِّس لنظامٍ ديمقراطىّ ومرحلة جديدة فى المنطقة تعلو فيها سيادة القانون، وأنَّ رئيس الدولة ليس إلهًا لا يسأل عما يفعل وليس نبيًّا معصومًا يتكلم بوَحْىٍ يُوحَى، وإنَّما هو بشر وأحد أفراد الشعب، يُحاسَب ويُحاكم عندما يُخْطِئ فى حقِّ شعبه أو وطنه، وسوف يَنْظُر حاكم مصر القادم - عبر صندوق الانتخابات - ألف مرة قبل ظلم شعبه أو خيانة وطنه.








مشاركة

التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

سعد

محاكمة المخلوع

عدد الردود 0

بواسطة:

نوجه

عقبال عندكم

عدد الردود 0

بواسطة:

ماهر رزيق-USA

مصر الفرعونية كانت سيدة العالم

عدد الردود 0

بواسطة:

الولايات الإسلامية المتحدة

الولايات الإسلامية المتحدة

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد صلاح

ما هي الفائدة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة