أحمد دومه

«سودوكو» الدوائر الانتخابية

السبت، 10 سبتمبر 2011 04:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«انتبه من فضلك، الثورة ترجع إلى الخلف»، هذا هو النداء الذى يجب أن يسمعه كل غيور على هذا البلد، مهتم بألا تضيع هذه الثورة التى دفع ثمنها الشهداء دما وعمرا، فالتراجع الذى بدأ منذ اللحظة الأولى لخلافة المجلس العسكرى لمبارك فى الحكم لم يتوقف إلى الآن، لا بالتظاهرات ولا الاعتصامات ولا جلسات الحوار مع القوى السياسية، لأن الأمر ببساطة أن هذه القوى انشغلت بقطف الثمرة قبل أن تنضج أو تثمر حتى، فانصرف كلٌّ إلى إنشاء حزبه وإعداد مرشحيه فى الانتخابات البرلمانية، أو مرشحه فى انتخابات الرئاسة، وتناسى الجميع - إلا من رحم ربى - أن هناك ثورة لم تكتمل، وأن أنصاف الثورات أكفان الشعوب..

مسلسل تراجع الثورة لم يكن متمثلا فقط فى المحاكمات العسكرية للمدنيين، ولا كشف العذرية للناشطات أو إصدار قانون تجريم الإضرابات والاعتصامات، ولا الإعلان الدستورى، ولا الاعتداء المتكرر على المتظاهرين فى ميدان التحرير وإصابة واعتقال المئات، لكنه امتد - طبعا - ليشمل قانون الانتخابات وتقسيم الدوائر الانتخابية التى يجب أن تقوم عليها العملية الديمقراطية فى مرحلة ما بعد الثورة، فالقانون الجديد الذى ابتدعه المجلس العسكرى من تلقاء نفسه بعيدا عن أية حالة من حالات الحوار مع القوى السياسية، واستمرارا لمنهج «ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد» الذى ابتدعه فرعون واستمر عليه كل الفراعنة يُعد استخفافا وإهدارا للشرعية الثورية واستحقاقات التحول الديمقراطى الجديد، إذ يفتح الباب واسعا أمام أصحاب الأموال والعصبيات للتفوق الشديد فى الأصوات استغلالا لاتساع الدوائر وبعد المسافات بين المدن المكوِّنة لهذه الدوائر فى القائمة والفردى، والأهم أنه يجعل تجاوز نسب التمثيل للدوائر أمرا لا جدال فيه..

القانون الجديد الذى أبقى على كل المساوئ القديمة والتى تفرز - حتما - برلمانا لا يعبر عن الجماهير ولا الثورة، ولا عموم الشعب المصرى، فبدءا من استمرار كوتة العمال والفلاحين التى ليس لها مبرر غير بقاء كتلة «جاهلة، صامتة» فى البرلمان تحركها السلطة كيفما شاءت، وهو انحراف واضح عن مبدأ التوازن الاجتماعى وظلم الكفاءات التى تستحق هذا المقعد بعيدا عن هذه الكوتة، مرورا باستمرار العمل بالنظام الفردى الذى يعيد للعملية الانتخابية تدخّل الأموال والوجبات والقبليات والمحسوبية، والبلطجة أيضا، ويجعل أحد المرشحين ينجح بحصوله على عشرة آلاف صوت ويرسب آخر بالرغم من حصوله على ضعف عدد الأصوات لكن فى دائرة أوسع، ووصولا لتوزيع الدوائر الانتخابية «العجيب» الذى يشبه إلى حد كبير لعبة «السودوكو» الشهيرة لما جاء فيه من ضم غير مبرر للكثير من المناطق، وفصل - غير مبرر - لمناطق أخرى، مما يجعل المرشح أمام معركة مرهقة للغاية قد لا تسمح بالنجاح لغير ذوى الأموال الوفيرة، أو المنتمين لكيانات متواجدة فى كل الأماكن تضمن لبعض أعضائها النجاح على حساب آخرين..

استمرار المجس العسكرى فى العمل على أساس هذا القانون رغم ما يلاقيه من رفض من كل القوى السياسية تقريبا هو استمرار لتحدى المجلس لكل هذه القوى والتعامل مع الجميع بذات العقلية الفرعونية التى «ما ترينا إلا ما ترى»، وهو ما ينذر بتجدد الانشقاق واتساع رقعته بين هذه القوى - خاصة الشبابية منها - وبين المجلس العسكرى، وهو ما ليس فى صالح الجميع. «المجد للشهداء.. النصر للشعب».








مشاركة

التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

مهاب توفيق

هعيط وانا اقرا كلامك ....

عدد الردود 0

بواسطة:

الزنكلاوى.ابن قيس.....

سلامة الراى...يا باشا

عدد الردود 0

بواسطة:

الرمه

...

عدد الردود 0

بواسطة:

سيد البرعى - ناشط سياسى

الله عليك يا ريس

عدد الردود 0

بواسطة:

سلامه الشرقاوى

سلامة الراى...يا باشا

عدد الردود 0

بواسطة:

ســعيد متولـى

كان لازم يروحـوا الأحـزاب

عدد الردود 0

بواسطة:

وائل فخير

مين ده؟!

عدد الردود 0

بواسطة:

شريف الروبى

الله عليك يا حبيب والديك ، تحليلك هايل و نظرتك للامور عميقه يا أستاذنا الكبير

عدد الردود 0

بواسطة:

السيد أبو سريع

أحسنت يا أبو دومه

كلامك كله جميل

عدد الردود 0

بواسطة:

Mohamed

كل واحد عاوز الانتخابات بمزاجه

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة