القضاة يناقشون مشروع السلطة القضائية.. ومن أهم الموضوعات على أجندة هذه المناقشة، كما قال المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة، هو الارتفاع بالمستوى المعيشى للقاضى والارتقاء بدخله.. وهو ما فسره أحد القضاة فى أحد البرامج التلفزيونية بأن الهدف منه هو عدم خضوع القاضى لأى مغريات أو ضغوط.. ومن أجل توفير الراحة للقاضى -على حد قوله- حماية القاضى من وسائل الانتقال غير المريحة والمسكن غير الآمن والحياة دون المستوى!!
العقول البسيطة من أمثالى تفهم هذا على أنه تأكيد أن القاضى لو لم يعش فى مستوى أميز من الشعب سيقع فريسة للإغراءات والضغوط.. وبالطبع سينهار العدل ويختل ميزانه!!
العقول البسيطة من أمثالى لو ركزت شوية ووقعت فى المحظور وفكرت بعمق محدود سيطاردها تساؤل متشح بثوب المنطق، وهو كيف سيحكم القاضى بالعدل على بشر لا يعش ظروفهم ولا يشعر بآلامهم؟ كيف سيحكم بالعدل ومنطقه ما هو إلا انعكاس للمناخ المتميز الذى يعيش فيه؟ فهو سينتقل فى سيارة مريحة تم توفيرها له بسعر مناسب وسيحصل دون الوقوف أمام شباك التذاكر على تذكرة فى الدرجة الأولى المكيفة ستوفرها له وزارة العدل بالمجان.. ولن تؤرقه أزمة السكن فستوفرها له الدولة أو ستوفر له الدخل الذى يسمح له بمسكن متميز مريح، ولن يزعجه ارتباك المرور أو أزمة إيجاد مكان لسيارته فهو معفى من المخالفات وسيارته من حقها الوقوف فى عرض الشارع.. ولن .. ولن .. ولن.
العقول البسيطة من أمثالى تتساءل ألم يؤرق رئيس نادى القضاة بالظروف التى يعيشها السواد الأعظم من المصريين من صعوبة فى الانتقال، وتدنى فى المساكن، وضيق فى ذات اليد؟ بل وتندهش العقول البسيطة عندما ترى أن من قضاة مصر من يعترفون بهذه الظروف دون احتجاج، ويطالبون بالتميز عنها حتى يحكموا بالعدل بين المغبونين من الشعب.. أى عدل ستقيمونه فى مجتمع الفقر والجوع والألم.
العقول البسيطة من أمثالى تتساءل أليس من العدل أن توضع مطالب القضاة ورغبتهم فى الحياة الكريمة ضمن مطالب توفير هذه الحياة والحقوق لكل الشعب، بدلاً من السعى وراء امتيازات ستتكلف الملايين مقتطعة من قوت الشعب الجائع؟
العقول البسيطة تتساءل هل أعاق فقر وشظف حياة الفاروق عمر بن الخطاب عدله؟
منطق العقول البسيطة يقول القاضى الذى تدفعه صعوبة الحياة ومشاكلها إلى الاستجابة للضغوط والمغريات، هو ضمن "قاضيا النار".. عن ابن عمر رضى الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القضاة ثلاثة، قاضيان فى النار وقاض فى الجنة، قاض قضى بالهوى، فهو فى النار، وقاض قضى بغير علم، فهو فى النار، وقاض قضى بالحق، فهو فى الجنة.. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.