لا بديل عن توصيف ما حدث عقب فعاليات جمعة «تصحيح المسار» بأنه فوضى عارمة، تسحب من رصيد ثورة 25 يناير، ولا بديل أمام القوى السياسية إلا أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية فى هذه الظروف العصيبة، وأول ما يجب عليها فعله هو التخلى عن لغة الحذر فى تحميل المسؤولية للطرف المخطئ حتى لو كان من قوى الثورة، فليس من المعقول أن تتحول الثورة إلى مخزن، يستخرج منها كل طرف ما يراه ملبيا لوجهة نظره التى قد تكون مضادة بالكامل لمصلحة مصر.
وكما قلت بالأمس فإنه لا يمكن وضع ما حدث من محاولات لاقتحام مديرية أمن الجيزة ووزارة الداخلية، فى كفة واحدة مع عملية اقتحام السفارة الإسرائيلية، ولكى تتكشف الحقائق كاملة لابد من تحقيق واضح يتم الإعلان عن نتائجه صراحة لمعرفة هل هناك محرضون يقفون خلف الستار لمحاولة اقتحام مديرية أمن الجيزة وزارة الداخلية؟ وهل لذلك علاقة بأحداث مباراة الأهلى وأسوان السابقة على يوم الجمعة والتى شهدت اشتباكات عنيفة بين الأمن ومجموعة من ألتراس الأهلى؟
الوصول إلى إجابات عن هذه الأسئلة، ربما تقودنا إلى علاقتها بالدعوات التى انطلقت قبل يوم الجمعة الماضى وحددت وزارة الدفاع، ووزارة الداخلية ومنشآت حيوية أخرى كأهداف لابد من حصارها واقتحامها، وإذا كانت «جمعة تصحيح المسار» قد تواصلت حتى الساعة السادسة بأسلوب حضارى رفيع، لينصرف بعدها المشاركون، فمن أين جاء هؤلاء الذى مارسوا العنف والبلطجة ليتوجهوا إلى مديرية أمن الجيزة ووزارة الداخلية؟ فهل استجابوا عفويا للدعوات التى انطلقت على الإنترنت؟ أم أن هناك من كان يحدد لهم الهدف والوسيلة وهم يعرفونه؟ وربما يشتم البعض من هذا السؤال أننى ألفت النظر مثلا إلى احتمال وجود تنظيم يخطط وينفذ هذه الممارسات، وأحيل هذا الظن إلى ما رصده المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن ذلك فى بيانه التحذيرى السابق على «جمعة تصحيح المسار»، من وقوع أعمال تخريب.
الوصول إلى الحقائق كاملة فى هذا الأمر يجب النظر إليه بعيون مفتوحة على ما يحدث جنوبا من تهديد فى أسوان بنقل اعتصامات النوبيين إلى السد العالى لوقف توربينات السد، وعلى ما يحدث شمالا من تهديد فى سيناء، وما يحدث غربا على الحدود مع ليبيا.