تمر هذه الأيام الذكرى العاشرة لأحداث 11 سبتمبر.. ومن أهم القضايا المتعلقة بها والتى لم تلق نصيباً وافياً من الاهتمام حتى اليوم: ما هى سنن الإسلام فى ديار غيرهم؟ وماذا يفعل المسلم الملتزم بدينه الذى يعيش فى بلد مثل أمريكا أو بريطانيا أو كندا أو أستراليا، سواء ذهب إلى هناك لاجئا، أو حمل جنسية هذه البلاد، أو عاش فيها لفترة من الفترات؟
وهل يجوز له أن يقتل أو يفجر أو يدمر فى منشآتها المدنية أو العسكرية لأنه يختلف مع سياسات هذه الدولة أو لا يرضى بسياساتها.. أم ماذا؟ وهل هناك سابقة حدثت من قبل مع الرسول «صلى الله عليه وسلم» والصحابة تبين لنا نموذجا صحيحا لهذه العلاقة؟
لقد طرح هذا السؤال بعد البيان الأول للقاعدة، والذى ذكر فيه أن هذا الحادث من صنع كوكبة من طلائع شباب الإسلام، وهذه الكوكبة على حد قولهم هم شباب مسلم يقيم معظمه فى أمريكا وأوروبا ويتردد الباقون عليها بصفة دائمة.
لقد قال رسول الله «صلى الله عليه وسلم» لأصحابه فى مكة: «لو خرجتم إلى أرض الحبشة.. فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد».. فهاجر إلى الحبشة 83 رجلاً و19 امرأة من الصحابة، وفى هذا دلالة على جواز أن يأوى المسلم إلى مجتمع غير مسلم يجد فيه أمنه وأمانه وحرية عبادته وعقيدته.
وهؤلاء الصحابة الذين ذهبوا للحبشة لم يقوموا بهدم كنيسة أو حرق حانة خمور أو قتل مواطن حبشى، وتحاشوا الصدام مع الدولة الحبشية أو شعبها، وأثمر حسن الجوار هذا حماية مطلقة من النجاشى لهم حتى أنه رفض رأى بطاركته ومعاونيه جميعا بتسليمهم إلى قريش حتى قال لهم: «لن أسلمهم مهما نخرتم.. أى غضبتم».
وقال للصحابة: «اذهبوا فأنتم «شيوم» أى طلقاء آمنون فى أرضى.. من سبكم غرم.. وما أحب أن لى جبلا من ذهب وأنى آذيت رجلاً منكم»، وما كان لهؤلاء النفر الغرباء المهاجرين أن يحظوا بهذه المنزلة والرعاية إلا بسياستهم ودبلوماسيتهم الحكيمة وعدم خرقهم لقواعد الأمن للحبشة، حتى أنهم ناصروا النجاشى على من أرادوا الانقلاب عليه بغير حق، حتى قالت أم سلمة: «فوالله ما علمنا حزنا حزناه قط كان أشد علينا من حزن حزناه عند ذلك، تخوفا أن يظهر ذلك الرجل على النجاشى فيأتى رجل لا يعرف من حقنا ما كان يعرف النجاشى».
وتبين أم سلمة العلة من نصرتهم له وهو أنه يعرف حقهم ولا يظلمهم ولا يسلمهم لخصومهم وأعدائهم من قريش، فلما انتصر النجاشى فرح الصحابة فرحا شديدا.. حتى قال الزبير بن العوام الذى جاءهم بالخبر: «ألا أبشروا فقد ظهر - أى انتصر - النجاشى»، فهذه سنة المسلمين فى ديار غيرهم أنهم لا يتخذون من الأمان والحرية التى أعطيت لهم سببا فى تدمير هذا المجتمع أو قتل وترويع أبنائه.
فالفيزا التى تسمح للمواطن بدخول دولة أخرى تحمل فى معناها الفقهى معنى الأمان المشترك الذى تعطيه الدولة لحاملها، والذى يعطيه حاملها للمجتمع كله الذى منحه هذه الفيزا.. ولى كتابات موسوعية فى تطبيقات فقه الأمان المعاصر يضيق هذا المقال عن بسطها.
وقد كانت هذه المجتمعات ملاذا آمنا قبل 11 سبتمبر للدعاة والمطاردين من الإسلاميين من بلادهم.. فلما أخل بعض الإسلاميين بمنظومة الأمان، شُحن الإسلاميون من كل مكان فى العالم إلى السجون والمعتقلات والتعذيب والمحاكم العسكرية فى بلادهم.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد زكريا
ما أحوجنا لحكمة علمائنا الربانيين
عدد الردود 0
بواسطة:
حسن كواوا
والطامة الكبرى والكارثة الأعظم
عدد الردود 0
بواسطة:
مينا جورج
تحياتى للاستاذ ناجح ابراهيم
عدد الردود 0
بواسطة:
فرعون
حاجة تفطس من الضحك
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد حسبو
ناجح
عدد الردود 0
بواسطة:
هيثم على
اكثر الاسلاميين اعتدالا
عدد الردود 0
بواسطة:
مسافر زاده الخيال
الرؤية الكاملة
عدد الردود 0
بواسطة:
زكريا عقاب
اهل الحكمة
عدد الردود 0
بواسطة:
نصر محمد فتحي
صدق من قال ..
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
11 سبتمبر