لا شك أن طلائع الشباب القبطى لعبوا دورا مهما فى تفجير ثورة 25 يناير، بداية من حادث نجع حمادى الذى استخدم فيه الأقباط العنف لأول مرة فى رد فعلهم، مرورا بحادث كنيسة العمرانية التى تم القبض بعده على 153 قبطياً بتهمة مقاومة السلطات، والمطالبة بإسقاط نظام الحكم، وكانت هذه هى المرة الأولى التى يخرج فيها المواطنون المصريون الأقباط خارج أسوار الكنيسة للاحتجاج، وتفجيرات كنيسة القديسين، ومن يراجع المظاهرات التى خرجت من المسلمين والمسيحيين على أثر حادث القديسين، يجد- على سبيل المثال- أنه تم تقديم قضية (8 لسنة 2011 جنح شبرا) واتهم فيهم 11 مواطناً، 8 مسلمين و3 مسيحيين، بتهمة الدعوة لإسقاط نظام الحكم، وكانت شعارات المظاهرات تنادى بسقوط مبارك والعادلى، وصولا لثورة 25 يناير ودورهم المتميز، رغم مواقف بعض القيادات الكنسية المحافظة، على اختلاف مذاهبها، إلا أنهم توحدوا تجاه الثورة والنظام القديم، وإن كان لهم العذر لأنهم لمدة 30 عاما كانوا جزءا من نسيج وسبيكة هذا النظام!
وأخص بالذكر اتحاد شباب ماسبيرو، هؤلاء الذين فى فترة وجيزة لا تتجاوز 6 أشهر تمرسوا فى النضال السياسى، وانتقلوا سريعاً من خندق الطائفية إلى معسكر الوطنية، ويحضرنى ذلك، حينما أصدروا بياناً بعنوان «مصر التى فى خاطرى وفى دمى»، تعقيباً على أحداث سيناء، والذى طالب فيه اتحاد شباب ماسبيرو بسحب السفير المصرى من إسرائيل، وتقديم إسرائيل الاعتذار الرسمى على عدوانها على أبناء الشعب المصرى من الجنود المصريين الذين قتلوا بدم بارد، وأكد الاتحاد وقوفه وراء كل خطوة عملية على أرض سيناء للجيش المصرى، وتمنى الاتحاد للمجلس العسكرى أن يتحلى بالحكمة اللازمة لإدارة شؤون البلاد، والذى يتحمل مسؤولية الحكم فى هذا الوقت العصيب.
واستطاع هؤلاء الشباب أن يستعيدوا أحلامهم من بعض الإكليروس الذى أراد أن يسطو على هذه الأحلام وتلك المبادرة باسم الرب، ولكننا فوجئنا بانتقال الحركة من براثن بعض وجهاء الإكليروس إلى طبيعتها المدنية العلمانية، وعلى المستوى الجغرافى الدال انتقلوا من ماسبيرو إلى التحرير، وفى الحالتين كان الوطن فى القلب.
إلا أنه يقلقنى فى الآونة الأخيرة فى الحركة الاحتجاجية القبطية ما يلى:
أولا: الحركة الاحتجاجية القبطية الجنسية، أقصد الاحتجاجات الخاصة باختفاء البنات، وإقامة المظاهرات الزائفة على أنهن مختطفات، وفى الحقيقة، ومنذ عملى فى هذا الحقل كباحث ومحقق منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضى، لم أعثر على مختطفة واحدة، كلهن ارتبطن بعلاقة عاطفية مع الطرف الآخر، والآباء سواء فى البيت، أو فى الكنيسة، يريدون أن يتملصوا من العار الاجتماعى، وعدم القيام بدورهم التربوى، وذلك بإعلاء شأن ما هو طائفى، على ما هو اجتماعى لدرء العار، مما يسبب فقدان المصداقية لدى الرأى العام.
ثانيا: الاحتجاجات الخاصة بالاختلافات الزوجية، وبراغبى الزواج الثانى بعد أن فشلوا فى الزواج الأول، ومع كامل احترامى لحقوقهم المشروعة حتى فى زواج ثالث، فإن اختيارهم لبعضهم البعض، وفشلهم فى غرف النوم وخارجها، لا الكنيسة مسؤولة عنه، ولا الأنبا بولا، فهذه قضية تعد مسؤولية شخصية لهؤلاء البالغين الذين عجزوا عن اختيار حقيقى، أو عجزوا فى استكمال حياتهم الطبيعة كشركاء.
ثالثا: موضوع المادة الثانية ورغبة الأقباط الجارفة فى تهييج السلفيين، ودفعهم لاكتساب أرضية على حساب سذاجة هؤلاء القبط، وغباء قوم عند قوم فوائد!