أكرم القصاص

استنساخ أردوغان

الجمعة، 16 سبتمبر 2011 07:50 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نحن بحاجة إلى التعامل مع تركيا وزيارة رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان بدون تهويل أو تهوين، فهو رجل نجح من خلال برنامج سياسى واقتصادى يحمل قدرا من النباهة والتوازن، لكن المشكلة أن الزيارة تحولت إلى مولد، وبدت ردود الأفعال مبالغا فيها، وبدا كل تيار ينظر إلى التجربة من منظور ضيق يتعلق برغباته أو اهتماماته، رأينا من يطالب باستنساخ التجربة التركية بصرف النظر عن الجغرافيا والتاريخ، ورأينا من يطالب أردوغان بإقامة الخلافة الإسلامية، ولما رد بأنه مع علمانية الدولة وإسلام الفرد، بدت خيبة أملهم فى الرجل، دون أن يكلفوا أنفسهم تأمل فروق الأزمنة، انتقد آخرون دعوته إلى وقف المظاهرات من أجل بدء عملية البناء، وبالرغم من أن أردوغان لم يأت كرئيس لحكومة ثورة لكن ضمن تبادل سلطة ديمقراطى، فلديه من الخبرة كرجل دولة ما يمكن أن يقدمه للآخرين.

هناك من انتقد الموقف التركى ضد الأكراد، أو تحدث عن فقر خارج اسطنبول وأنقرة المدينتين الرئيسيتين، ولم يكن التصرف الرسمى بعيدا عن التهويل فقد تم الإعلان عن تعاون اقتصادى يصل إلى 10 مليارت بدلا من خمس خلال سنوات، وهو أمر يفيد البلدين إذا كانت اتفاقات لها آليات وليست مجرد احتفاء إعلامى، ينتهى بعد الفرح، مثلما كان يحدث دائما.

على المستوى الشعبى كان الاحتفاء برئيس الوزراء التركى يعكس رغبة فى دور الفرد القادر على إنجاز مشروع للنهضة، والذين شاهدوا أحوال تركيا قبل وبعد أردوغان يمكنهم اكتشاف التطور الاقتصادى وتقلص العشوائيات والفقر من خلال شبكة للمشروعات الصغيرة بقروض حسنة ساهمت فى خفض نسبة البطالة بدرجة كبيرة وإنهاء الجزء الأكبر من العشوائيات، فضلا عن نظام عادل للضرائب وتركيز على التعليم والصحة.

عند مجيئه أجرى أردوغان استطلاعا لآراء الأتراك فى أولويات مطالبهم فكانت مقاومة البطالة والفقر والعشوائيات فى المقدمة، وبناء عليه بدأ خططه، ونجح إلى حد كبير، ثم إن حزب العدالة والتنمية التزم بقواعد اللعبة الديمقراطية، والدولة التركية وعلمانيتها، ومن الوارد أن يغادر الحكم ليحل مكانه حزب آخر من اتجاه مختلف.

دوليا أردوغان نجح فى ضمان أمن تركيا القومى سياسيا واقتصاديا بسياسات متوازنة، التزم فى سياساته مع العالم بمصلحة تركيا ومواطنيها، وفى العلاقة مع إسرائيل، جاء وبلاده موقعة على اتفاق تعاون عسكرى واقتصادى مع تل أبيب التزم به فى إطار المصلحة، دون أن يستسلم لتلك العلاقة ويتركها تتحكم فيه، كما أنه حافظ على شروط الاتحاد الأوروبى التى تضمن لبلاده وجودا ضمن سياق عالمى وإقليمى يضمن مصالحها، ولم ينس أن تركيا دولة آسيوية وأوروبية.

الأمر لا يحتاج إلى تصفيق أو «تصفير»، بل إلى قراءة لدور الفرد والجماعة، وقراءة فى التجربة، لأن استنساخ التجارب لا يضمن النجاح، لكن التعلم من الأفكار وبناء الفرد هو بداية بناء مجتمعات قوية قادرة على البقاء.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة