تأتى زيارة رئيس الوزراء الإثيوبى زيناوى إلى القاهرة، يسبقها مبادرة شعبية قادها عدد من السياسيين قبل شهور، حين سافر وفد إلى إثيوبيا بعد ثورة 25 يناير فى محاولة لإصلاح ما أفسده النظام السابق مع الدول الإفريقية، وخاصة مع دول حوض النيل، وشملت هذه الزيارات إثيوبيا وأوغندا وجنوب السودان، وفيها كشف قادة إثيوبيا وأوغندا كم كانت مصر فى ظل نظام مبارك تتعامل باستعلاء شديد معهم، رغم أنهم كانوا يبحثون عن أى أفق لتنمية هذه العلاقات وفق صيغة جديدة تتناسب مع المستجدات على القارة، وبعد عودة هذا الوفد قدم تقارير وافية إلى الحكومة عن نتائج زياراته، وشملت اقتراحات متنوعة عن سبل استعادة القارة.
وإذا كانت زيارة رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان قد حظيت باهتمام شعبى ورسمى لافت، وذلك على خلفيات اقتصادية وسياسية، فإنه من الواجب أن تحظى زيارة زيناوى بمثل هذا الاهتمام، وهنا يأتى دور المبادرة الدبلوماسية الشعبية، حتى لا يبدو أننا نبدأ فعلا ولا نستكمل مساره حتى النهاية.
فى مسار العلاقات مع أفريقيا، انتبه الجميع بعد ثورة 25 يناير إلى أن هناك ظهيرا أمنيا يتمثل فى أفريقيا تم إهماله طويلا، وهو ما ساهم فى فتح مسام هذه القارة أمام قوى معادية لمصالح مصر، وعلى رأسها إسرائيل، ونتج عن هذا الانتباه الكثير من الأطروحات حول ضرورة اتباع نهج سياسى جديد، يصحح ما فات ويعيدنا إلى القارة التى كانت لنا فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى، لكن هدأ هذا الانتباه فجأة.
قد تكون هناك ملفات كثيرة مطروحة فى الداخل، تعطل المضى نحو الملفات الأخرى الخارجية، ورغم ذلك فإن ملف القارة الأفريقية هو شأن داخلى فيما يتعلق بقضية مياه النيل، وتأسيسا على ذلك فإن التفاهمات المطروحة مع إثيوبيا عليها أن تعى قضية مياه النيل، بنهج سياسى مختلف عن التهديدات التى كان البعض يطلقها فى الماضى، وهنا يأتى الدور الاقتصادى والخدمى.
قبل سنوات وبعد أن تولى وزير الخارجية الأسبق أحمد أبو الغيط مهام منصبه، قال كلمة شهيرة حول انصراف مصر عن القارة السمراء وهى: «على قد لحافك مد رجليك» فى إشارة منه إلى أن مصر لا تستطيع الإنفاق من أجل البقاء فى القارة، فهل سيكون هذا المثل هو الذى سيحكمنا من جديد؟ الإجابة عند القطاع الخاص الذى أهمل إفريقيا وآن الأوان أن ينتبه إليها.