كانت انتخابات النقابات الفرعية للمعلمين هى ضمن أوائل الانتخابات التى تجرى بعد ثورة يناير، وفاز مرشحو جماعة الإخوان المسلمين بأغلبية المقاعد بنسبة 100 % فى بعض المحافظات وأكثر من 90 % فى أخرى، واختفى مرشحو الحزب الوطنى الذين كانوا يسيطرون على النقابة منذ عقود، بينما غابت التيارات الأخرى تماما سواء الأحزاب القديمة أو الجديدة، التى ربما لم تجد الفرصة لتستعد.
هناك انتخابات أخرى جرت فى نادى هيئات تدريس جامعة عين شمس أمس الأول، حيث فازت قائمة مرشحى حركة استقلال الجامعات بالـ11 مقعدا التى أجرى عليها التصويت، ولم يفز فيها الإخوان أو فازوا بنسبة ضئيلة.
نتائج انتخات المعلمين مؤشر للانتخابات النقابية والبرلمانية القادمة، التى يتوقع أن يكون للجماعة فيها نصيب كبير، حتى إن لم يصل للأغلبية فى المعلمين التى ظلت نقابة مهجورة أضعفها الحزب الوطنى والأمن، ويتوقع أن تشهد صحوة بوصفها واحدة من أكبر النقابات المهنية عددا، كما يتوقع أن يكون للإخوان نصيب من مجالس نقابات الأطباء، والصحفيين، والمحامين، وسوف نرى ممارساتهم وقدرتهم على العمل.
لكن نتائج الانتخابات مؤشرات يفترض أن تثير العديد من الأسئلة لدى التيارات السياسية والمراقبين، الإخوان هم الفصيل الوحيد الذى اهتم بخوض الانتخابات، واستعدوا لها بالتنظيم والدعاية، ونفس الأمر بالنسبة لتيار الاستقلال بجامعة عين شمس، بما يشير إلى أن العمل العام يقوم على الحركة والتنظيم وليس على الكلام.
نتائج الانتخابات مؤشرات حول المستقبل، وعلى من يريدون النظر للأمام أن يقرأوا إيجابيات الأمر، حيث الترشح والبرامج والانتخابات هى السبيل لإفراز من يديرون نيابة عن المجموع وتحت رقابة التصويت، لا يمكن لمنصف أن يلوم الإخوان على مساعيهم وعملهم وفوزهم، بل عليه أن يلوم نفسه على الفشل والعجز.
الإخوان كانوا طوال العقد الأخير من حكم مبارك يصرون على خوض الانتخابات والمنافسة فيها حتى لو خسروا، كانوا يخسرون لأسباب خارجة عن إرادتهم وبسبب تدخلات وتزوير، واكتسبوا خبرة جعلتهم طوال الوقت فى لياقة سياسية وانتخابية، واكتسبوا مهارات اللعب السياسى، وحتى لو كان نجاح بعضهم بأصوات انتقامية من الوطنى، فإن هذا لا يمكن أن يكون عيبا فيهم، لكن فى نظام الانتخابات، وسوف تحدد ممارساتهم نصيبهم القادم، فهم فصيل منظم، يعرف إلى حد كبير، ماذا يريد، ومازالوا قادرين على العمل الجماهيرى بشكل أكثر من السلفيين الذين «يريدون كثيراً ولا يعرفون ماذا يريدون تماما» كما قلت سابقا, ولا يمكن أن يلومهم أحد على قوتهم، بل اللوم على ضعف المنافسين وفشلهم. كل ما يجب أن نسعى إليه هو ضمان إتاحة الفرص المتكافئة للجميع.
الواقع يقول إن الإخوان انشغلوا بالعمل، وانشغل غيرهم بالجدل والتشكيك وإظهار الخوف من فوزهم.. لا يكفى أن نلوم الآخرين على نجاحهم.. الأولى أن نلوم أنفسنا على الفشل.