لم يتم إلى اليوم حسم طبيعة الدور الذى قامت به روسيا- الاتحاد السوفيتى سابقا- فى حرب 1967 وتحديداً دفع الرئيس عبدالناصر نحو معركة لم يكن جاهزا ولا مستعدا لها، ويمكن القول باطمئنان إنه لم يكن يريدها، والمسألة بدأت بإبلاغ روسى إلى عبدالناصر أن حشودا عسكرية إسرائيلية تجمعت على حدود سوريا، وتبين فيما بعد أنه لم تكن هناك حشود إسرائيلية، لكن الأمور تطورت وانتهت على النحو المعروف، حيث هزيمة ساحقة للجيش المصرى واحتلال سيناء، فضلاً عن بقية فلسطين والجولان السورية، والمؤكد أن المقصود من تلك الحرب كان عبدالناصر شخصياً، وأن هناك تخطيطا منذ سنة 1964 لاقتياده إلى هذا الفخ، فيما عرف أمريكيا بعملية «اصطياد الديك الرومى».. وهناك رأى قوى بين الدارسين والسياسيين فضلا عن رجال المخابرات بأن روسيا تعمدت توريط عبدالناصر، وأنها هيأت المناخ لاصطياده، لأن ناصر المهزوم والمنكسر أسلس قيادة لهم، وأشد احتياجا إليهم، وأكثر قبولا لمطالبهم، خاصة أن عبدالناصر قبل 1967 لم يقدم للروس أى تنازلات، حتى الشيوعيين المصريين اعتقلهم ولم يجامل السوفيت بهم، إلى هذا الحد كان متشدداً تجاههم، لكنه بعد 1967 وفى أثناء حرب الاستنزاف قبل بدخول الخبراء العسكريين السوفييت مصر، وقدم تسهيلات بحرية للأسطول السوفيتى فى المياه الإقليمية المصرية، صحيح أنهم طلبوا قاعدة بحرية ورفض، لكنهم نالوا التسهيلات، ولم يكن ذلك سهلاً ولا بسيطاً بالنسبة لهم، فى ظل انتشار الأسطول السادس الأمريكى فى البحر المتوسط وقتها.
عموما هذه القضية معقدة، وتحتاج إلى مزيد من المعلومات والوثائق لتحسم نهائياً.. هل تعمد الروس دفع عبدالناصر ومصر إلى حرب هم متأكدون تماماً أنه لن يكسبها وأنها سوف تدمره بهدف تحقيق مكاسب خاصة بهم فى الحرب الباردة؟.. ذلك أمر مهم لنا معرفيا ووطنيا، حيث لا ننقاد يوما إلى معركة مشابهة، ولا يورطنا أحد فى حرب دون أن نكون جاهزين لها ومستعدين، بعض الشواهد تقول إن هناك فى المنطقة من يريد منذ سنوات توريطنا. يدعونى إلى تذكر تلك المرحلة ما تقوم به روسيا تجاه سوريا ومن قبل مع ليبيا فى ثورة الشعبين.
فى سوريا يقوم السفاح بشار الأسد بقتل المدنيين المسالمين، ثمة ضغوط دولية على بشار وعصابته كى يوقف العنف والقتل، لكن روسيا تجهض هذه الضغوط، بشار من جانبه يرى أن ذلك يجعل الطريق أمامه مفتوحا لقتل شعبه، وهنا لن يكون أمام المواطنين سوى الصراخ، مطالبين المجتمع الدولى بحمايتهم، رغم أن الشعب السورى من أكثر الشعوب رفضا للتدخل الأجنبى، لكن بشار وضع الشعب فى الخيار الصعب، خيار هم لا يتمنونه ولا يحبونه، لكنهم مجبرون عليه.
باختصار روسيا تلعب دور المحلل والممهد للتدخل الدولى أى أوروبا ومعها الولايات المتحدة أو العكس، فى بلدان المنطقة بدعمها الطغاة العرب جميعا.. واحدا وراء الآخر.
المريب فى الأمر أن روسيا تظل تدعم الطاغية وتتصدى للأمم المتحدة فى إدانته، فإذا ما أحكمت الحلقة حوله، وبدأ الغرب فى التدخل تخلت روسيا عنه، حدث ذلك مع صدام حسين أيام احتلال الكويت، ثم أيام احتلال العراق فى 2003، ومع القذافى فى بداية الثورة الليبية، والآن مع الثورة السورية.
هل نحن بإزاء تنسيق أدوار بين روسيا وحلف الناتو لافتراس البلاد العربية، وبحيث يصبح التدخل الدولى مطلبا شعبيا وثوريا عربياً تلهث خلفه الثورات والثوار؟ هل روسيا تسعد إلى هذا الحد بسقوط القتلى فى سوريا ومن قبلها فى ليبيا؟ هل الدم العربى رخيص إلى هذا الحد أم أن روسيا تريد أن تستيعد أمجاد الاتحاد السوفيتى وتشعر أنه لايزال لها دور مؤثر وأنه يمكنها أن تناوش بعض الوقت الولايات المتحدة بدماء المواطنين العرب؟ هل الحنين إلى المجد السوفيتى وراء ذلك؟
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
owdy81
يوميات أودي المصراوي
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود المصري
لابد من وقفة للدول العربية
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو مصعب الهواري
تفاصيل مثيرة فى عملية إختطاف المقدم السوري هرموش من الأراضي التركية!
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو مصعب الهواري
الربيع العربي سيكون بمثابة النعش الأخير للنفوذ الروسي فى المنطقة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد ونس
نعم استدرجت رسيا ناصر