يحتاج مصير الفشل الذى آلت إليه «جمعة لا للطوارئ» إلى دراسة وتقدير موقف ليس من الأطراف الداعية لها، وإنما من جميع القوى والحركات السياسية.
وفى اعتقادى أن فشل هذه الجمعة بدأ منذ الجمعة قبل الماضية وما آلت إليه من أحداث عنف، خاصة محاولة اقتحام مديرية أمن الجيزة ووزارة الداخلية وغيرها، وبالرغم من أن تقرير لجنة تقصى الحقائق التى أعدها المجلس القومى لحقوق الإنسان، برأ الثوار والألتراس من هذه الأحداث خاصة عملية اقتحام السفارة الإسرائيلية، فإن الرأى العام تعامل مع الموقف بنتيجته الإجمالية دون التوقف أمام طرف بعينه عن المسؤولية.
ما حدث يوم الجمعة قبل الماضية، انتهى أيضا إلى رفض واسع له من القوى السياسية المختلفة، تم التعبير عنه فى وسائل الإعلام المختلفة، وهو ما أدى إلى شعور فئات المجتمع المختلفة بأنه مادامت القوى السياسية ترفض ما حدث، فمن هو المسؤول؟.
سؤال من هو المسؤول وعدم العثور على إجابة واضحة عليه، ألقى بظلاله على «جمعة لا للطوارئ»، بالرغم من أهمية وحيوية الهدف التى طرحته، وذلك من زاوية أن الدعوة إليها لم تجد الاحتضان الجماهيرى الكافى لأسباب متعددة، منها الخوف من أن تنتهى إلى نهاية الجمعة السابقة عليها، بالإضافة إلى أن مظهر القوى السياسية العام أمام المجتمع يؤكد الانقسام الكبير فيما بينها، وأن كل الجهود المبذولة من أجل توحدها لم تعط ثمارها بعد على أرض الواقع.
أدت الأسباب السابقة إلى فقدان الثقة مسبقا فى «جمعة لا للطوارئ»، وظهرت نتيجة ذلك فى الحشد الضعيف الذى ذهب إلى ميدان التحرير، وهو مايلقى تحديا كبيرا حول أى دعوة أخرى قادمة للتظاهر فى ميدان التحرير.
وحتى لا تتصور أى قوى سياسية رفضت المشاركة فى «جمعة لا للطوارئ»، أن غيابها هو سبب فشلها، فإن القراءة العميقة لها تخرج من هذا الحيز الضيق إلى عموم ما يمكن تسميته بـ«سد نفس المجتمع عن التظاهر».
وتقودنا القراءة السابقة إلى ضرورة أن تطرح القوى السياسية على نفسها هذه القضية من جديد، ليس بمعنى الكف عن الدعوة إلى مليونيات جديدة، ولكن بكيفية تعبئة المجتمع من جديد بالتوحد حول أهداف جامعة، لا يشعر معها عموم الشعب المصرى بأن هناك «فائض رغبة» فى المظاهرات، وإنما هناك أهداف يمكن الالتفاف حولها والتضحية من أجلها.