لا أدرى لماذا يمضى كل شىء فى بلادى بطيئا كالسلحفاة، خاصة فى القضايا المصيرية التى تتطلب حسما سريعا؟ ودائما أسأل نفسى عن الأحلام الكبيرة التى اعتدنا أن تتحول إلى كوابيس؟ وعن طموحاتنا التى ما إن ترتفع لتبلغ عنان السماء حتى تهوى سريعا إلى قاع الأرض السحيق؟
ليس على وجه الأرض شىء أصعب من الانتظار، فمع كل لحظة تمر يهوى القلق على الأعصاب والمشاعر فيدميها، وينشر فى كل قطعة من الجسد سموم أمراضه الكثيرة التى تحول أقوى الرجال فى ساعات قليلة إلى جسد هزيل يبكى الأيام الخوالى التى كان فيها قادراً على الحركة دون أن يطلب من أحد المساعدة.
أحسب أننا جميعنا فى هذه اللحظة غارقون فى بحار القلق العميقة، فالمعلومات المتاحة لدينا قليلة والشكوك كثيرة والتساؤلات التى تفترس العقول قبل الألسنة كثيرة، ومن بينها هل ستجرى الانتخابات البرلمانية فى موعدها أم يتم تأجيلها؟، وما الشكل الذى ستخرج فيه؟، وهل ستفرز فى النهاية برلمانا قادرا على أن يعبر بمصر الأعاصير والعواصف العديدة التى تحيط بها من كل جانب؟
أتمنى من كل قلبى مثل الـ80 مليون مصرى أن تكذب الحقائق كافة الظنون التى تأخذنا ذات اليمين وذات اليسار، وأن نصحو على مصر بعد أيام قليلة وهى أفضل ألف مرة مما نراه عليه الآن، ولكن كل ما يجرى حولنا يدفعنا إلى إساءة الظن وتوقع الأسوأ أكثر من الاستبشار بالخير، فالكثير مما يجرى على الأرض يؤكد أن هناك من يقودنا بشكل تدريجى إلى الخلف لتعود الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل 25 يناير الماضى، ولكن مع اختفاء مجموعة من الأشخاص التى كانت تعد على أصابع اليد الواحدة عن صدارة المشهد لتبقى السياسات نفسها هى الحاكمة.
لا يمكن للعين أن تخطئ ما يجرى تحت السطح الآن من محاولات حثيثة لإعادة إنتاج نظام مبارك من جديد، وبصرف النظر عن الأطراف الضالعة فى هذه الجريمة التى تهدف إلى الانقلاب على الثورة مع سبق الإصرار والترصد فإن ما يجرى والذى تم التخطيط له بالليل يمضى قدما على قدم وساق.
كثيرة هى الشواهد التى تؤكد أن أنصار الثورة المضادة قد قطعوا خلال الفترة الماضية شوطا كبيرا لإنجاز أهدافهم، ومن بينها الكفر الواضح بالثورة والذى بدأ فى التسلل مؤخرا للكثير من المصريين خاصة البسطاء منهم والذين بات البعض منهم على قناعة، على أننا رغم المعاناة الكبيرة التى عشنها قبل الثورة، إلا أننا كنا أفضل حالاً مما نحن عليه الآن.
كما أن تصريحات ومواقف القابضين على زمام الأمور تجعلنا هى الأخرى فريسة لنار القلق التى تنهش صدورنا، خاصة أنهم جميعا كانوا بشكل أو بآخر جزء من نظام يصر الآن على أن يعيد إنتاجا نفسه من جديد.
أحسب أن الشهور القليلة القادمة لن تمر على مصر كغيرها من الأيام، فهناك مخاض جديد وصراع بين قوتين أحدهما تريد أن تتقدم بنا للأمام والأخرى تريد أن ترجعنا بقوة للخلف.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
القلق و الفرقه و التشتت