د. رضا عبد السلام

دولة فلسطين.. ما بين الربيع العربى والغباء الغربى!!!

الإثنين، 19 سبتمبر 2011 09:53 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دعونا نسلم بالمصطلح الذى أطلقه الغرب على ما يجرى على الأرض العربية منذ مطلع 2011 "الربيع العربى"، تماماَ مثلما سلمنا بمصطلح "تنظيم القاعدة"!! ولكن ألا تتفق معى عزيزى القارئ على أن الغرب فى تعامله مع العرب لا يزال يفكر بعقلية ما قبل هذا الربيع العربى؟ إلا تعتقد بأنهم لا يزالون يتعاملون معنا على أننا حفنة من الدهماء والأغبياء، رغم ما قالوه شِعرٍ فى وصف الشعوب والثورات العربية وخاصة الثورة المصرية؟ مؤكد أن عقولهم وقريحتهم تجمدت عند مرحلة ما قبل الربيع العربى، وإلا لما رأيناهم يفكرون بذات العقلية، ويدلون بذات التصريحات، ويكيلون بذات المكاييل التى اكتالوا بها من قبل!!
سأطرح عليكم مثالين يعكسان هذا الغباء الغربى، الذى لا يواكب – بأى حال من الأحوال - طموحات ما أسموه بالربيع العربى:
• أما المثال الأول فيجسده التمييز الواضح فى التعامل بين ليبيا وسوريا!! لقد تحركوا بآلتهم العسكرية ودكوا الأرض الليبية بأسلحتهم المختلفة، بحجة إنقاذ الشعب الليبى من بطش الطاغية والمخرب "القذافى"!! ولكن ماذا عن سوريا؟ لما هذا التباطؤ والخطوات الخجولة، فى وقت نشاهد – وبشكل يومى - مذابح وجرائم حرب، تُرتَكَب بحق المدنيين على أيدى جنود وشبيحة "الأسد على شعبه".
• وفى الحقيقة يذكرنى تباين الموقف الغربى بالنسبة لليبيا وسوريا، بموقف الغرب خلال التسعينيات من قضيتى البوسنة والعراق!! وهنا يسعفنى تصريح لوزير خارجية البوسنة - آنذاك - عندما قال "للأسف نحن لسنا محظوظين مثل العراق، حيث لا يوجد لدينا النفط ليتحرك الغرب لإنقاذنا من جرائم الصرب، ولهذا تجاهلنا الغرب وتحرك بآلته نحو العراق الذى ينام على ثان أكبر مخزون للنفط فى العالم" إنه مصلحة الغرب ولا عجب.
• ليبيا تسبح على بحر من النفط عالى الجودة، ولهذا كان علينا أن نتوقع تدخلهم السريع لتسجيل موقف، وللتعجيل بحل المشكلة لتستقر أسعار النفط عالمياً، وهو ما حدث بالفعل. فها هى أسعار النفط عالمياً تهبط دون مستوى الـ100 دولار، بعد أن كانت فوق مستوى الـ120 دولارا قبل الربيع العربى. وفى المقابل، فرض الغرب بعض العقوبات الهزلية على نظام "الأسد على شعبه" ذراً للرماد فى العيون. وها هو ينقسم بشأن الوضع السورى. ومع كل يوم يمر، يسقط العشرات والمئات ما بين قتيل وجريح. فسوريا ليس بلداً نفطياً، كما أن نظام الأسد – ورغم ما كان يظهره من عداء مصطنع للصهاينة – إلا أنه نظام لا يختلف فى بطولاته المصطنعة عن بطولات النظام البائد فى مصر، فضلاً عن خشيتهم من ولادة نظام معادٍ (حقيقى) لطفلهم المدلل (إسرائيل)!!
• إذاً، هى المصلحة، ولا شىء غير المصلحة الذى يحرك الغرب. وعلينا ألا نلومهم على هذا المنطق الحاكم للعلاقات الدولية، ولكن ما نلومهم عليه هو اعتقادهم بجهلنا وغبائنا رغم ما قدناه للعالم من رسائل بربيعنا العربى.
• أما المثال الثانى، فهو المتمثل فى قضية فلسطين، وسعى العرب لاقتناص الاعتراف الدولى بدولة فلسطين.. فالغرب لا يزال يفكر بذات العقلية متجاهلاً صحوة الشعوب العربية. فالغرب - والولايات المتحدة تحديداً - غير مدرك أن قيامة الصهاينة قد قامت على أيدى الشعوب العربية، بعد أن تخلص العرب من الأنظمة البائدة والعميلة للغرب، وهم بصدد استعادة حقوقهم المنهوبة. فها هى الولايات المتحدة تلوح باستخدام الفيتو لمعارضة الاعتراف بدولة فلسطين، وها هى أستراليا تعلن معارضتها، وفرنسا تعلن عن موقف غير واضح!!

فإلى متى سيظل الغرب غير مدرك أن العرب قد أفاقوا من ثباتهم، وأزاحوا الطغاة، ولن يهدأ لهم بال إلا بوضع كل شيء فى نصابه الصحيح؟
وعليه، على الغرب أن يغير استراتيجيته، وأن يدرك أن عرب ما قبل الربيع العربى ليسوا هم عرب ما بعده. وأنا التحدى الصارخ والمخجل (وخاصة من قبل الولايات المتحدة) لإرادة المجتمع الدولى - ومن قبله الإرادة العربية - لا يمكن أن يقود إلا إلى المزيد من الحروب والنزاعات. فلم يعد للغرب حضن عربى ليرتمى فيه. كما أن على الغرب - وتحديداً الولايات المتحدة – أن يدرك أن قواعد اللعبة ومراكز القوى قد انتقلت بعد أزمة 2008. فلم تعد الولايات المتحدة القوة العظمى، عليهم أن يدركوا أن التنين الصينى قادم وبقوة ومعه باقى النمور الآسيوية.
ومن جهة أخرى، على العرب، وتحديداً الدول التى تحررت من نار وبطش الطغاة، وأقصد هنا مصر وتونس وليبيا، أن تحارب لدعم الموقف الفلسطيني، وسعى الفلسطينيين لاستعادة دولتهم المسلوبة. لم تعد على رؤوسنا بطحات لنخجل منها، وعلينا أن نفرض إرادتنا على العالم، لنسطر بحق تاريخاً جديداً، وليدرك العالم أن عرب ما بعد الربيع العربى ليسوا هم عرب ما قبله، وأن عقلية غرب ما قبل الربيع العربى هى ذات عقلية غرب ما بعده. والله الموفق.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة