من الحسنات القليلة لألتراس الأهلى والزمالك مشاركتهما فى ثورة 25 يناير منذ بدايتها، وقد نجحت خططهم الذكية لتدويخ الأمن المركزى وقتها، ما أعطى للثورة قوة دافعة فى الأيام الأولى لها.
والألتراس كان يهتم بالتعصب الكروى للنادى الذى يتبعه، ولكنه دخل اليوم فى طور جديد وغريب عليه، فقد دخل ألتراس الأهلى والزمالك السياسة من أوسع أبوابها وأصبحت له الآن فروع فى بعض محافظات مصر، ووصل أتباعهم وأعوانهم إلى الصعيد، وبدأ نشاطه بذروة سنام السياسة، ولم يصعد سلمها درجة درجة، والآن لا ندرى هل ودع الكرة ليتفرغ للسياسة، أم أنه سيلعب على الجناحين معاً؟ وما هى أفكاره السياسية التى يدعو لها، حيث إننا لم نعرف منها حتى اليوم سوى قذف ضباط الشرطة وجنودها بأكياس البول، وشتم وسب المجلس العسكرى فى كل مكان بأقذع الشتائم.. منتهى الطهارة السياسية.. أليس كذلك!!
وسوف تضاف هذه الآليات السياسية الجديدة إلى علم السياسة الذى يدرس فى كليات الاقتصاد والعلوم السياسية. وعموما التجديد السياسى مطلوب جدًا فى مصر هذه الأيام. قد يصلح دور الثائر لشباب الألتراس. أما دور البناء والإصلاح وهو الأهم والأبقى فلم يعدّوا أنفسهم له حتى الآن للأسف الشديد، وعليهم أن يبدأوه منذ اليوم، إن أرادوا أن يكون لهم دور بناء فى المجتمع المصرى.
وأما الدخول فى السياسة فأمامهم وقت طويل للدخول بطريقة صحيحة وآمنة وبناءة فى الهيكل السياسى المصرى.. وإذا اعتقد الألتراس أن الثائر سيظل ثائراً طول العمر، فسيخطئون خطأ جسيماً، لأن هذا يهدم ولا يبنى، ويفرق ولا يجمع، ويضر ولا ينفع، ويفسد ولا يصلح.
حينما قام الألتراس بالهجوم على وزارة الداخلية، وتحطيم شعارها، وسب رجالها علنا أمام كل الكاميرات مع وصلات شتائم بذيئة للمجلس العسكرى، قد أعطى رسالة واضحة لكل بلطجية مصر أن اقتلوا واسرقوا وانهبوا كما تشاؤون، فقد حطمنا أكبر رموز الأمن والأمان فى المجتمع، عليكم بالباقى الآن وأثناء الانتخابات.
هل من شروط الثائر أن يسب ويشتم ويلعن ويصاب بالنرجسية، ويعتقد أنه يفهم فى كل شىء، وأنه أعقل من كل من حوله؟ وهل من شروطها أن يحتكر الوطنية لنفسه ويسلبها ممن يخالفه الرأى، ويستبيح أعراض الآخرين دون سند من دين أو عقل أو قانون.. أم ماذا؟ هل يمكن أن نجد شباباً ثائراً يجمع بين العقل والعاطفة والثورة والبناء والنقد وعدم التجريح والاعتراض على قرارات الآخرين دون الطعن فى أعراضهم ونياتهم، وأن يضع نفسه دائما ً فى موضع الذى يشتمه ويسبه؟
أما فكرة التعصب الكروى الذى يتبناه الألتراس، فهى فكرة يمقتها الإسلام الذى يرفض التعصب للمذهب الدينى أو الفقهى نفسه، فكيف بالكرة؟ فالشريعة الغراء ترفض أن يدور الداعية للإسلام حول ذاته وشخصه، ولا يدور حول الشريعة، فهل تقبل من يقدم الولاء لناديه على الولاء لدينه وشريعته، إذا ما تنازع الولاءان أو تعارض واجب ناديه مع واجب الشريعة، أو اختلف مع واجب وطنه وأمنه واستقراره. فالولاءات لها ترتيب.. الإسلام والأوطان.. ثم الجماعات والأحزاب والنوادى.