لست من أنصار نظرية المؤامرة.. لكننا فوجئنا جميعا بتحذير من المجلس العسكرى فى بيان له صدر «6/9» أكد فيه أن هناك من سوف يعتدى على المنشآت الحيوية يوم جمعة تصحيح المسار «9/9» وزاد من دهشتنا انسحاب الشرطة والقوات المسلحة من كل المواقع الحيوية فى ذلك التاريخ، وفى المساء حدث ما حدث، وفى فجر اليوم التالى «السبت10/9» تم التدخل بقوة وألقى القبض على حوالى مائة متهم، بعد إصابة 1447 مصابا ومقتل ثلاثة شباب ثم تفعيل قانون الطوارئ، لا أريد أن أدافع عن الفوضى التى حدثت ولكن الذى يجب أن يحاكم بتهمة التحريض على اقتحام السفارة الإسرائيلية، والإضرار بالسفارة السعودية، هما رئيس مجلس الوزراء د.عصام شرف ومحافظ الشرقية د.عزازى محمد عزازى فكلاهما استقبل أحمد الشحات واحتفى به بشكل رسمى وأضفى عليه صفة البطولة، بل إن د.عزازى كافأ الشحات بشقة سكنية رغم أن قوائم المتقدمين للحصول على سكن بالشرقية كبيرة جدا.
لست ضد تكريم أحمد الشحات من جهات حزبية وأهلية، فسبق أن شاركت فى تكريم أبطال مصر من أمثال الشهيد سليمان خاطر الذى كرمته وبحق الحركة الوطنية المصرية ولكن أن يكرم الشحات من رموز الدولة فهذا يدفع الشباب لأن يحتذوا بهذا النموذج وذلك الحدث ويقتحمون السفارات، وكما ترسخت ظاهرة قطع الطرق والسكك الحديدية بعد أحداث محافظة قنا نتيجة تراخى الحكومة فإنه من الممكن ترسخ ظاهرة الاعتداء على السفارات كلما اختلف الرأى العام مع دولة ما. نعود إلى التواطؤ الفاضح من أجهزة الشرطة، حيث انسحبت الشرطة من حراسة السفارة الإسرائيلية رغم أن بيان المجلس العسكرى «6/9» حظر من مغبة الاعتداء على منشآت حيوية، فلماذا انسحبت الشرطة؟! بل إن بعض من كانوا مكلفين بحراسة السفارة تواطأوا مع المقتحمين، ووفق ما نشرت «المصرى اليوم» (11/9) يقول شاب اسمه عمرو: «صعدنا إلى سطح العمارة فوجدنا كل القوات متواجدة ولقينا ضباطا يقولون لنا: احنا زى اخوتكم وادخلوا واحنا هنمشى وبالفعل انسحبوا وتركوا لنا سطح العمارة» هذه الشهادة -إن صحت- لا تحتاج إلى تعليق، علما بأننا لم نقرأ تكذيبا لها من الجهات المعنية حتى الآن، وإليكم شهادة أخرى من الصحيفة وفى الصفحة نفسها ومن أصدقاء لمن يديرون أو يحكمون البلد، وتحت عنوان «الإسلاميون» أحداث السفارة الإسرائيلية مجهزة سلفا لتأجيل الانتخابات، قال المهندس عاصم عبد الماجد مدير المكتب الإعلامى للجماعة الإسلامية: «إن جمعة تعطيل المسار محاولة لتعطيل إعادة السلطة مرة أخرى للشعب من خلال تقديم بعض القضايا التى لها بريق جماهيرى مثل طرد السفير الإسرائيلى»، وأضاف عزب مصطفى عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة: «اقتحام السفارة الإسرائيلية وموضوع الشواكيش يبدو أنه تم الترتيب لهما».. ومع احترامنا الكامل للنيابة العامة، الغريب أنها كانت تحقق فى بلاغات متبادلة ما بين أحمد الشحات ومصطفى كامل حول من أنزل العلم الإسرائيلى ورفع العلم المصرى؟، الأمر الذى جعل الرأى العام يضفى مشروعية قانونية على الحدث.
والمدهش أن أجهزة الإعلام الحكومية والخاصة، خاصة الفضائيات أسرعت بعقد مناظرات بين الطرفين حول معركة العلم بشكل أصبغ على الحدث أبعادا أسطورية!
وترتبط كل هذه المقدمات بواقعة مترابطة وهى استغلال المجلس العسكرى الحدث «بحق أو بدون وجه حق لتفعيل قانون الطوارئ» الأمر الذى دعا عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة جمال حشمت وصف ذلك بالنكسة، ورأى أن الأمر يعيدنا إلى الأفكار القمعية نفسها التى كانت تتطبق فى ظل النظام السابق، وعزا موقف المجلس العسكرى إلى رغبته فى تأجيل الانتخابات البرلمانية.. وبعد أن شارك الجميع فى هذه المأساة، ما لبسوا جميعا أن يتراجعوا الآن ويحدثونك عن القانون الدولى وهم الذين شرعوا من قبل لقانون الغاب، «والمركب اللى فيها ريسين تغرق» حقا لقد صدق الشاعر العظيم المتنبى حينما قال: «وكم فى مصر من المضحكات المبكيات»!.