د. رضا عبد السلام

متى تصبح الجامعة العربية فاعلاً لا مفعولاً به؟

الخميس، 22 سبتمبر 2011 09:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ظلت جامعة الدول العربية، على مدى عقود غابرة، معبرة فقط عن صوت الحكام لا صوت الشعوب العربية، ولهذا كانت بحق جامعة للحكام لا جامعة للشعوب العربية، ولهذا، ونظراً لأن "أغلب الحكام العرب" كانوا بالفعل أعداءً لشعوبهم، فكان طبيعياً ألا تعكس قرارات تلك الجامعة أى طموح من طموحات الشعوب العربية، فقد طمح العرب فى وحدة حقيقية، ولكنها لم تتحقق إلا على الورق وفى خيالات الأنظمة البائدة، طمحوا فى حل عادل للمشكلة الفلسطينية، ولكنهم لم يحصدوا من هذه الجامعة الهزيلة سوى قرارات الشجب والاستنكار، حتى بات القرار بيد عمرو لا بأيدينا!!
ولهذا كنت قد كتبت فى مقال سابق لى بجريدة الاقتصادية السعودية، وذلك منذ أكثر من عامين، "أنه من يعرف إنجازاً لهذه الجامعة يتفضل ببيانه"، وفى المقابل، وفى ظل هذه المؤسسة الكسيحة، تفكك العراق وضاعت الصومال، وتاهت قضية فلسطين، وهبط العرب فى كافة المؤشرات العالمية، باستثناء مؤشرات البطالة والأمية والفساد، حيث يحتلون فيها أعلى المراتب!!

الآن، وبعد أن قامت قيامة العديد من الأنظمة العربية، كنا نتوقع حدوث تغير حقيقى فى مواقف هذه الجامعة، بأن تنتقل من مرحلة الشجب والاستنكار – مثلاً – لما يجرى فى سوريا، لتدخل فى مرحلة اتخاذ قرارات، تعكس بحق طموحات الشعوب العربية، من واجب هذه الجامعة أن تأخذ زمام المبادرة لحل المشكلات العربية، لا أن تنتظر ما سيتفضل علينا به الغرب، وبعد ذلك يبدأ تحركها!!

أين الجامعة العربية من قضية اليمن التعيس؟، هل تكفى مبادرة دول الخليج؟ ألا تعكس تلك المبادرة أهداف ومصالح خاصة بتلك الدول؟ ماذا عن طموحاتنا العربية الشاملة؟
السؤال الآخر، وهو موجه إلى حكام وملوك وأمراء الدول التى لم يصلها بعد قطار التغيير، ألا تتعظوا مما جرى لقرنائكم؟ إلى متى سيستمر احتقاركم لشعوبكم؟ إلى متى ستفترضون الغباء فى بنى جلدتكم؟ فى ظل هذا الجو الغائم والمشحون، علينا ألا ننتظر الكثير من الجامعة العربية، طالما بقيت هناك أنظمة عربية تفكر بذات العقلية التى كانت تفكر بها الأنظمة البالية فى كل من مصر وتونس وليبيا وسوريا...الخ.

وبناءً عليه، أدعو السيد نبيل العربى، أمين عام الجامعة الجديد، وهو شخص مشهود له بالفطنة والحكمة والجرأة، أدعوه أن يتخلص من روث وميراث الماضى الذى غرقت فيه هذه الجامعة، عليه التوقف عن لعب دور الوسيط الذى يبحث عن إرضاء كل الأطراف، حتى ولو ترتب على ذلك ضياع القضية، عليه – وبحكم علمه وتكوينه النقى – أن يكون أكثر جرأة ليحرك المياه الراكدة فى هذه المؤسسة، التى سبقت فى نشأتها مؤسسات كالاتحاد الأوروبى!!

من حقنا كشعوب عربية أن نشعر بأن رياح التغيير العربية قد تركت أثراً واضحاً على هذه الجامعة، وإلا فإننى أدعو السيد العربى، وهو صاحب تاريخ عريق ومشرف، إلى الاعتذار عن مواصلة لعب دور المطبطباتى، الذى لا يعرف سوى لغة الشجب والإدانة والاستنكار.

ينبغى – من الآن فصاعداً – أن نشعر كشعوب عربية أن الأمور والقرارات بأيدينا لا بيد الغرب، هذا لن يتحقق إلا إذا قامت الجامعة العربية بدورها المنشود، علينا ألا ننتظر قيام الغرب بالإعلان عن حملة عسكرية على سوريا، ثم بعد ذلك تتحرك الجامعة!! إذا لم تبادر الجامعة باتخاذ قرارات صارمة، فعلى القائمين عليها الكف عن إزعاجنا وصداعنا وتوفير أموالنا، وسنتمكن نحن الشعوب العربية من اتخاذ القرارات الصائبة، فالقائمون على شأن الجامعة العربية، وعلى مدى عقود، كانوا على وعى وإدراك تام بأن الأنظمة العربية القائمة (كنظام القذافى ومبارك وبن على والأسد وصالح وغيره) ليست سوى أنظمة فاشية مستبدة، ورغم ذلك كانت مؤسسات الجامعة عبارة عن "ودن من طين وأخرى من عجين".

مؤكد أن جامعة الدول العربية تمر بعملية مخاض صعبة وتاريخية، فإما أن تكون وإما ألا تكون، إما أن تكون فاعلة أو أن تبقى مفعولاً بها، أو مجرد تجمع شكلى، يعكس سياسات وطموحات أنظمة لا طموحات شعوب، فأسأل المولى عز وجل أن يمكن السفير العربى من اتخاذ القرار والموقف الصائب.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة