سامح فوزى

جدل سياسى أم تشنج دينى؟

الإثنين، 26 سبتمبر 2011 03:50 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم أكن أتوقع أن تتحول التعليقات على مقالى السابق «أقباط وسلفيون» - الأسبوع الماضى - إلى مناظرة دينية فى العقائد بين مسلمين ومسيحيين. حالة مؤسفة، أضع فيها موضوعًا على طاولة الحوار السياسى، فأجد الجدل كله ينصب حول قضايا دينية بحتة، مجالها كليات متخصصة فى أصول الدين أو اللاهوت، وليس الصحف السيارة. إن دل ذلك على شىء فهو يدل على ارتفاع منسوب التعصب، والتشنج، والغضب فى المجتمع المصرى. المسلمون لا يؤمنون بالمسيحية التى يؤمن بها المسيحيون. هذا أمر مفهوم، ولا يحتاج إلى إسهاب. والمسيحيون كذلك لا يؤمنون بإسلام المسلمين، وهو أمر مفهوم أيضًا. كل جماعة لها عقائدها. وهناك خلافات بين أهل المذاهب داخل الدين الواحد. ولكن كل ذلك ما علاقته بالوطن والمواطنة؟ هل المطلوب أن نقصى الأقباط لأنهم يدينون بدين لا يرى فيه المسلمون الصواب، أو العكس؟
بالطبع لا. فى السابق قال الحكماء إن الوطن يسع الجميع، مهما اختلفوا، ومظلته تظللهم جميعًا. وقال الإمام أبو حامد الغزالى: «إلجام العوام عن الخوض فى علم الكلام»، أى أن يكف الناس عن حديث العقائد تاركين إياها للمتخصصين. وفى الفريق العربى للحوار الإسلامى المسيحى الذى أتشرف بعضويته وضع الدكتور محمد سليم العوا - العضو المؤسس للفريق- وثيقة للحوار بين أهل الأديان، أكد فيها أن من حسن العلاقات بين المؤمنين بالأديان المختلفة عدم الخوض فى عقائد الناس علنًا، تاركين الأمر للمتخصصين من الدارسين فى إطار علمى، وليس فى سياق المساجلات الملتهبة فى وسائل الإعلام أو النقاشات العامة. وقد سبق لى أن انتقدت بقسوة الأصوات المسيحية التى تطعن فى الإسلام، بالقسوة نفسها التى أنتقد بها الأصوات الإسلامية التى تطعن فى المسيحية. المجتمع المصرى فى لحظات نهضته يفكر فى المشتركات، ولا يبحث كثيرًا فى الاختلاف بين أهل العقائد، ولكن حين تتردى أحوال المجتمع، ويغيب المشروع المشترك بين المصريين تظهر النعرات الطائفية، والخلافات الدينية، والمشاحنات المذهبية. المجتمع الآن فى حاجة إلى البحث عما يجمع المصريين، فلا يصح أن يتحول الحديث السياسى إلى سجال دينى.
نعود فنؤكد على حقيقة أساسية. عندما كان التيار الإسلامى، وبخاصة السلفيين، منعزلين لا يمارسون سياسة، كانوا يقولون ما يشاؤون، ولا أحد يراجعهم. ولكن الآن بعد أن تحولوا إلى قوى سياسية فى المجتمع فإن خطابهم يجب أن يكون محل نقاش، بما يعنى تأييده أو نقده. نحن ننتقد خطابات سلفية ليس على أرضية دينية، ولكن من خلال نظرة سياسية تطالب بأن يكون الوطن للجميع، وليس لفصيل يسقط نظرته الدينية على المجال السياسى، ما يؤدى إلى إقصاء قطاع من المواطنين لمجرد أنهم مختلفون فى الدين.
الأمر لا يحتاج إلى غضب أو تشنج، بل يحتاج إلى نقاش هادئ. المسألة ليست إيمانية، لكنها وطنية، تتعلق بالمواطنة وحقوق وحريات المواطنين، بصرف النظر عن الاختلاف فى اللون أو الدين أو الجنس أو العرق. فى المجتمع الديمقراطى الكل تحت سقف النقد. كفانا حديثًا عن الرموز التى لا يقترب منها أحد. الكل يجب أن يتعرض للنقد، مادام موضوعيّا وبناءً. مسلم أو مسيحى، جماعة دينية إسلامية أو مسيحية، مؤسسة دينية إسلامية أو مسيحية، حزب علمانى أو بمرجعية دينية، الكل يجب أن يكون تحت سقف النقد، والمساءلة.
إذا كان المصريون تحرروا من نظام مبارك بحثًا عن الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية فليس مبررًا أن يقيموا أصنامًا سياسية جديدة تعيد الاستبداد بطبعة جديدة. الديمقراطية تعنى قبول النقد، المساءلة، حرية التعبير، النقاش الهادئ، الحجج المقنعة، واحترام الاختلاف. ما عدا ذلك ليس ديمقراطية، بل شعبوية، وغوغائية، وديماجوجية، وإقصاء لكل ما هو مختلف.





مشاركة




التعليقات 8

عدد الردود 0

بواسطة:

مسلم

التمكين

عدد الردود 0

بواسطة:

نضال احمد

ولية متعترفش انك باقحامك للدين عملت كدة

صح ولا

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

عظمه الفراعنه الحضاره والسياحه ومصر العالميه المفخره و الاسطوره المعماريه

عدد الردود 0

بواسطة:

Moslem

مفيش فايدة

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

للاستاذ سامح فوزي اقول

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

لماذا اوقف الالمان التراخيص للمدارس الاسلاميه

عدد الردود 0

بواسطة:

نادر حبيب

بولس وتعليق 6 حق الرد

عدد الردود 0

بواسطة:

واحد من الناس

ردا على محمد

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة