رغم أن الجدود علمونا أن «العايط فى الفايت نقصان فى العقل»، فقد علمونا أيضا أن «من فات قديمه تاه»، وقد دفعنى ما حدث للثورة، وما نحن فيه الآن- كسينمائى- إلى تأمل سيناريو آخر واقعى تماما كان من الممكن أن تختلف الأحوال فى ظله تمام الاختلاف.. سيناريو الاستقامة والسواء الذى يستحقه هذا الشعب العظيم الذى فجّر شبابه- دون توقع- ثورة من أعظم ثورات الإنسانية.. وسوف يبدأ السيناريو منذ الليلة التى ينجح فيها الثوار بصدورهم العارية فى هزيمة قوات البطش البوليسى المدجج بالسلاح، والتى بدأت من بعدها المآسى التى تشابكت لكى تخلق الواقع البائس الذى نحياه الآن.
ليلة انسحاب الداخلية:
> الجيش يتولى مهمته بسرعة، ويؤمّن السجون والأقسام، ويقيل وزير الداخلية، ويعتقله بتهمة الخيانة العظمى، لأنه سمح بانسحاب قوات الشرطة من جميع المرافق الحيوية دون تنسيق مع القوات المسلحة، ويتم- بالاتفاق مع الرئيس الذى لا حول له ولا قوة- تعيين وزير للداخلية من القوات المسلحة، يعيد بصرامة وقسوة بناء الجهاز الشرطى، ويتحفظ على جميع الأوراق والمستندات والمكاتبات والمكالمات التليفونية فى جميع أجهزة الداخلية، ويصدر قرارا فوريا بوقف جهاز مباحث أمن الدولة، وجميع قياداته عن العمل، والتحفظ على ما تحت أياديهم من أسرار.
> الجيش يطلب وزارة أزمة من عدد قليل جدا من الأشخاص ليسوا من الحزب الوطنى.
> الجيش يأمر بتأمين الحدود المصرية، ومنع سفر أى مسؤول مصرى حتى درجة وكيل وزارة، ومنع أى تحويلات للأموال خارج الوطن، ومخاطبة جميع دول العالم بإمدادهم فورا بأى معلومات عن أموال المسؤولين المصريين فى الخارج والتحفظ عليها.
> الجيش يطلب من الرئيس الحساب الفورى لكل المسؤولين عما آلت إليه الأوضاع، خاصة رموز الحزب الوطنى، والتحفظ على جميع التسجيلات والمخاطبات بين كل المتآمرين على الوطن حتى ساعته، وتقديمها فوراً إلى النائب العام.
ليلة الأربعاء الدامية:
> الجيش يضرب بيد من حديد على البلطجية، ويقبض على أعداد كبيرة منهم، وكذلك القبض على القناصة الذين كانوا واضحين تماما فوق أسطح المبانى، يمارسون قتل المتظاهرين العزل، والتحفظ على الشهود المباشرين للحدث، والانتهاء بطرد جميع المعتدين من ميدان التحرير، وعدم الوقوف موقف الحياد بين المجرم والضحية، وكذلك المحاسبة الفورية للمسؤولين عن هذا العمل الإجرامى، واستدعاء قيادات الإعلام التليفزيونى التى تلقت تعليمات بسحب الكاميرات من الميدان استعداداً للمذبحة، للشهادة ضد المحرضين، وإلقاء القبض عليهم فورا، أو تقديمهم للمحاكمة العاجلة، وكذلك يُطهر جهاز الإعلام بالكامل من المتورطين فى الجريمة، حتى لو أدى الأمر إلى إغلاق معظم القنوات التافهة.
ليلة التنحى:
> إجبار الرئيس وأسرته على التقيد الكامل بالتوقف عن ممارسة أى فعل سياسى، وعدم إجراء أى مكالمات أو اتصال بأجهزة الإعلام، ومنعه وأسرته من السفر للخارج، والتحفظ على الأرصدة والهدايا، وإنهاء دور زكريا عزمى، والتحفظ على ما تحت يديه من مستندات وتسجيلات، وكذلك التحفظ على سكرتارية الرئيس ومعاونيه، والتحفظ والمراقبة الحديدية لكل معاونى الرئيس «الذين من المتوقع دفاعهم الشرس عنه»، وغلق جميع قنوات اتصالهم أو مراقبتها، والتصرف على أساس القضاء على نظام كامل، وليس مجرد الإطاحة برئيس.
ما بعد التنحى:
> الثوار يستمرون فى اعتصامهم لتحقيق مطالب الثورة كاملة، من محاكمة النظام بجميع رموزه، ومحاكمة قتلة الثوار، وإصدار القرارات اللازمة لإنشاء نظام جديد:
1 - نظام قضائى ديمقراطى حر ومستقل تماما عن السلطة التنفيذية.
2 - مجلس مدنى به عضو واحد من المجلس العسكرى لإدارة البلاد فى المرحلة الانتقالية.
3 - دستور جديد تضعه لجنة يختار الشعب بعضها، وتختار منظمات المجتمع المدنى والقضاء بعضها الآخر، وتتم مناقشة بنود الدستور على أوسع نطاق.
4 - محكمة ثورة ذات قواعد قانونية محترمة وأخلاقية لمحاكمة إفساد النظام السابق للحياة السياسية والمجتمعية، وتحويل النظام الجمهورى إلى نظام ملكى وراثى.
5 - حكومة أزمة تضع جدولا زمنيا لحل كل المشاكل العالقة للجماهير، وتضع حدا أدنى وأعلى للأجور فوراً ودون إبطاء.
6 - وضع نظام انتخابى ديمقراطى حقيقى بعد إلغاء مجلس الشورى ونسبة العمال والفلاحين، ووضع جدول زمنى لا يزيد على عام تحصل مصر بعده على رئيس منتخب للجمهورية ذى صلاحيات معقولة، ومراقبة برلمان قوى ومنظمات مجتمع مدنى قادرة وحرة.. «عذراً ضيق المساحة يجبرنا على الاكتفاء بهذا القدر من الأحلام».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة