يقال إن «الديمقراطية لا تصنع ملائكة ولكنها تحاسب الشياطين»، ولأن السياسية لا تخلو من ألعاب ودسائس وصفقات، فيجب على المجتمع ككل أن يبذل أقصى ما فى وسعه نحو تقليل هذه الألاعيب المشبوهة، لكى يصبح صوت الفرد حرا كما ينبغى، وهنا تصبح المقولات التى على شاكلة «إنتوا خايفين من الديقراطية» أو «أصل إنتوا ملكوش فى الشارع»، نوعا من الإرهاب الفكرى يمارسه أصحاب الحجة الضعيفة.
معذرة إن أطلت فى المقدمة، لكنى أراها ضرورية، خاصة أننا نعيش أزهى عصور إلقاء التهم الـ«تيك أواى»، والسبب من وراء هذه المقدمة الطويلة هو الإعلان الدستورى الذى أصدره المجلس العسكرى لينظم انتخابات مجلسى الشعب والشورى، وبمجرد أن طالعت هذا الإعلان شعرت بأن المجلس لم يصدر إعلانا دستوريا منظما للانتخابات، ولكنه أصدر إعلانا لإيجار البرلمان لأعلى سعر، أو أنه يريد أن يسلّم البرلمان إلى فئات محددة «تسليم مفتاح» مع ضمان خمس سنوات، شاملة سن القوانين، وفوقها دستور هدية.
انظر إلى التصور النهائى لتقسيم الدوائر، وموعد إجراء الانتخابات لتتأكد من أن أغلب القوى السياسية، خاصة الشابة، نالت صفعة قوية على وجهها، فالمدة المتبقية لعمل الدعاية الانتخابية اللازمة لن تتعدى شهرين على الأكثر، وهى مدة غير كافية، أما إن نظرت إلى تقسيم الدوائر الانتخابية، فسيتأكد لك أنها شبه تعجيزية، فخذ عندك مثالاً منطقة شرق القاهرة، التى نص مرسوم الإعلان على أن الانتخابات بنظام الفردى ستشمل كلا من أحياء «المطرية، وعين شمس، وعزبة النخل، والمرج، وقسم شرطة السلام أول، وقسم شرطة السلام ثان» وسيتصارع على هذه المنطقة عشرات النواب، وقد يصلون إلى المائة ليفوز فى آخر الأمر اثنان، مطلوب منهما أن يخدما ما يقرب من سبعة ملايين مواطن!
المحيط الشاسع لهذه الدائرة التى لن يكفيك للتجول فى شوارعها الرئيسية بالسيارة أقل من يوم كامل، يجعل التنافس بين مرشحيها غاية فى الصعوبة، ولو فكر أحدهم فى أن يعلق لافتة واحدة فى كل شارع لتكلّف الأمر عشرات الملايين من الجنيهات، ويزيد الأمر صعوبة فى التنافس بالقائمة الحزبية التى تضم بالإضافة إلى الأحياء السابقة كلا من «مدينة بدر، ومدينة الشروق، وحى النزهة، وحى مصر الجديدة، وأقسام شرطة القاهرة الجديدة أول وثان وثالث، وقسمى شرطة مدينة نصر أول وثان»، أى أربع عشر منطقة، يفصل بينها ما يقرب من مائة كيلومتر.
الدائرة السابقة هى مجرد مثال لباقى دوائر الجمهورية، فقل لى كيف يتنافس المرشحون فى شهرين على أصوات سكان هذه الأحياء والمدن التى لم يعرفوا أنها فى حيز تنافسهم إلا أمس الأول، ومن وجهة نظرى، فإن الانتخابات القادمة إذا سارت على هذا النهج، فستشهد حضورا تاريخيا لاستغلال المال، وشراء الأصوات، واستغلال العصبيات والقبليات، واستغلال الدين والاتجار به، واستغلال البلطجة والاحتكام إليها، أما إن أردت أن تعرف رأيى الحقيقى للخروج من هذه الأزمة، فعدنى أولا بأنك لن تخاف من تهديد اللواء ممدوح شاهين بأن العجلة دارت ولن تتوقف، وانتظر حتى الغد، وإلا سنمكث عشرات السنين لنصحح ما فعله المجلس العسكرى فى أقل من عشرة أشهر.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
مجلس برلماني غير معقم
عدد الردود 0
بواسطة:
انشر
المقال أقوى رد على كلمة انتو خايفين من الديمقراطية
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
الديمقراطيه والديمقراطيه المغرض بها
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
قتل الثوره القشه ام طوق النجاه لال سعود
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
ايتها المملوكه السعوديه كفي عنا نكف عنكم
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
هل يأكل الذئب الرضيع
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
لا يتوقف عطاء السماء عند زمن او رسول
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد
الي المدعو محمد
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
نحن نتحدث بالبرهان والمنطق والادب
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد
الحمد لله على نعمة الإسلام