هناك العديد من علامات الاستفهام لدى القوى السياسية والأحزاب، بل المواطن الذى لا يعمل بالسياسة، حول إصرار المجلس العسكرى على تأجيل نقل وتسليم السلطة إلى سلطة مدنية منتخبة من الشعب المصرى بشكل سلمى بتوقيت زمنى محدد، ويظهر ذلك جليًا فى عدة ممارسات منها: أولا: ارتباك فى أداء المجلس العسكرى وتباطؤ فى تنفيذ مطالب الثورة، إلا بعد ضغط من الشارع فى شكل مليونيات متعاقبة لتنفيذ هذه الاستحقاقات، وهذا يدل على عدم وضوح الرؤية والشفافية، والتعامل مع الشعب المصرى كأنه وحدة أو كتيبة عسكرية لابد أن يأتمر بأمر القائد دون مراجعة.
ثانيًا: تأجيل موعد الانتخابات التشريعية (الشعب والشورى) وبالتالى تأجيل الانتخابات الرئاسية، بما يزيد من الفترة الانتقالية بكل مشاكلها من عدم الاستقرار الاقتصادى، والانفلات الأمنى الواضح، وأظن أنه مقصود، حتى يشعر جموع الناس بأن النظام السابق كان أفضل حالا بالنسبة لهم.
ثالثًا: عدم الاستجابة للقوى السياسية والأحزاب بإجراء الانتخابات التشريعية بنظام القائمة النسبية المغلقة التى تضمن عدم تسرب عناصر من فلول النظام السابق وأصحاب المال والبلطجة دون البرامج لمجلسى الشعب والشورى، بما يؤكد استمرار الأمور على سابق عهدها مع تغيير بعض الرموز والقيادات واستبدالها بوجوه جديدة.
رابعًا: عدم تطهير مؤسسات الدولة من الفاسدين من بقايا النظام البائد الذين نهبوا ثروات الشعب المصرى وأدوا إلى تخريب جميع مناحى الحياة فى مصر لمصالحهم الشخصية، والإصرار على بقاء العديد منهم فى الجامعات والوزارات والمحليات والبنوك، والعديد من مؤسسات الدولة.
خامسًا: الإصرار على تمديد العمل بقانون الطوارئ بشكل غير قانونى، رغم أن الثورة قامت من أجل إلغاء هذا القانون المشبوه الذى يعطى لجهاز الشرطة التصرف بطريقة غير مناسبة مع المواطنين، وتاريخ هذا القانون معروف للجميع طوال الفترة السابقة.
سادسًا: هناك علامات استفهام عديدة حول طريقة وأسلوب محاكمة رموز الفساد وقتلة المتظاهرين، والشعب المصرى غير مطمئن لهذه المحاكمات خصوصًا مع تغيير بعض شهود الإثبات أقوالهم، وعدم بث هذه المحاكمات، مما يساعد على عدم معرفة ما يحدث فى هذه المحاكمات، مع البطء الشديد غير الناجز.
سابعًا: مازال هناك إصرار على عدم تطهير جهاز الشرطة بصورة لائقة، ومازال هناك عناصر من أمن الدولة السابق ممن كان لهم دور كبير فى تعذيب وقتل المواطنين، والاكتفاء بنقلهم، وفى بعض الأحيان ترقيتهم مع تغيير المكان أو الصفة، وهذا كلام غير معقول.
ثامنًا: الغياب المتعمد لجهاز الشرطة والأمن بصورة واضحة، مما أتاح الفرصة للبلطجية وأصحاب السوابق لممارسة السطو والاعتداء على المواطنين والممتلكات العامة، وعدم الأخذ بيد من حديد على يد البلطجية، وهذا شىء مريب ومخيف.
تاسعًا: الإصرار على تحويل أكثر من 10 آلاف من المدنيين إلى المحاكم العسكرية، وعدم مثولهم أمام قاضيهم الطبيعى، وفى المقابل مثول قتلة المتظاهرين وناهبى أموال مصر أمام القضاء الطبيعى، مما يثير الرأى العام، ويطرح العديد من التساؤلات.
عاشرًا: الإصرار بشكل غريب على ما يسمى المبادئ فوق الدستورية، والاستهانة بأصوات الشعب المصرى فى استفتاء 19 مارس الماضى التى وافقت على التعديلات الدستورية، وتبعها بعد ذلك الإعلان الدستورى وخطة الطريق لنقل السلطة فى المرحلة القادمة.
كل هذه الممارسات والتساؤلات تحتاج من المجلس العسكرى الذى وقف مع الثورة، أن يستكمل المسيرة فى نقل السلطة والتفرغ لمهامه الأساسية، وهى الحفاظ على الأمن القومى المصرى ضد من يريد أن يعبث به من الخارج.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة