لسنا فى مدرجات كرة القدم لنتحول إلى ألتراس، وإنما الهدف هو أن نفهم، لكن البعض يرفض المناقشة ويفضل الشتم. عندما كتبت عن توظيف الأموال كنت أعرف أن هناك من يعتقدون أن هذه الشركات كانت نشاطا سليما تعرض للمؤامرة.. ومن بين الردود التى تلقيتها ممن يدافع عن هذه الأنشطة الطفيلية ولا يحاول تذكر ما قدمته هذه الشركات التى يحاول البعض إحياءها، قال أحدهم إنه خبير، ويرى أن المال يمكن أن يحقق أربعة أضعاف قيمته أرباحا، وخبير آخر قال إننى لا أفهم فى الاقتصاد، لأن الاستثمار فى المواد الغذائية يمكن أن تكون دورة المال فيه عشر مرات. والبعض -حسب فهمى الضعيف- لا يعرف أن الرواج الفجائى تعقبه أزمات وهذا فى الاقتصاديات القوية، وأُحيله إلى الأزمات العالمية التى تأتى بعد الرواج، وقال ثالث إننى انتقدت توظيف الأموال لأننى أدافع عن الاقتصاد الربوى، ويتجاهل أن شركات توظيف الأموال كانت تضارب فى البورصات العالمية وتشترى وتبيع داخل شبكات ترتبط بالاقتصاد العالمى الربوى، وأن الذين يروجون لاقتصاد بعيد عن الاقتصاد العالمى يخادعون أنفسهم وزبائنهم.
الأستاذ أسامة الأبشيهى قال إن الريان تعرض لحرب من رجال النظام ومن الجهات الخارجية، للأسف لا تكفى الشماعات الخارجية لتفسير كل خطأ، ثم إنهم كانوا شركاء لرجال النظام، وكان الوزراء يرافقون الريان والسعد وهما يفتتحان مشروعاتهما، بل إن كشوف البركة كانت تذهب إلى وزراء وصحفيين، وهى نوع من الرشوة لا نظن أنها تناسب اقتصادا أخلاقيا.
وكتب الأستاذ محمد أن الميزة الوحيدة لشركات توظيف الأموال كانت فى خروج المدخرات للسوق لتكون رأسمال عاملا وليس خاملا، لكن الشركات لم تقدم أى قيمة مضافة للاقتصاد لأنها قامت على شراء كيانات اقتصادية قائمة بالفعل، وكان نشاطها يقوم على المضاربة فى البورصات، وهو نشاط عالى المخاطرة أدى إلى خروج رؤوس الأموال من عجلة الاقتصاد، ورفع نسبة التضخم.
الخلاصة أن هناك من يقرأ الأمر بحثا عن الفائدة ومن يفضل دور الألتراس، باعتبار الشركات لا تضرب أحدا على يديه، ويرون انتقاد توظيف الأموال انتقادا للدين، الذى هو برىء من خداع البشر.
ثم إن كل التجارب التى تزعم البعد عن الاقتصاد الربوى تدور فى اقتصاد دولى متشابك، ولم تقدم نموذجا حقيقيا، وتستند إلى شعارات وهمية وتداعب مشاعر الإيمان لدى الأغلبية. وربما لا يعلم من يدافعون عن الخداع أن هذه الشركات ظهرت أولا فى أمريكا.
ولن يضيرنا شىء لو كان هؤلاء نجحوا، لكن أثبتت الشركات السابقة والحالية أن كل نصاب لابد له من طماع، والدليل أننا مازلنا نرى شركات تزعم توظيف الأموال تظهر كل فترة والغريب أنها تجد من يسارعون إليها لوضع أموالهم التى يأخذها الغراب ويطير، ويتكرر هؤلاء وكأنهم يطلبون من المخادعين أن يخدعوهم.