حنان حجاج

عودة أقلام مبارك

الجمعة، 30 سبتمبر 2011 04:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الثلاثاء الماضى كان بحق يوم الأهرام على صفحات الفيس بوك وتويتر وشاشات التليفزيون، لم يكن هذا بسبب سبق صحفى أو قضية فجرتها الجريدة، ولكن بسبب قصة تحولت لفضيحة بطلها أحد مديرى تحرير الجريدة، الذى تسرع فيما يشبه التهور وتخلص من "النيولوك" الذى وضعه ضمن قيادات أخرى داخل المؤسسة، وتحولوا بموجبه بعد الثورة لثوريين أكثر من الثوار بعد أن كانوا يمثلون طوال سنوات مبارك كتيبة الإعلام الخاصة به اتفاقا أو تطوعا فى سبيل الترقى والأموال والحظوة لدى منظومة الحكم المباركى.

مدير تحرير جريدة الأهرام الذى مارس بكل سهولة عملية وصفها الأكثر تأدبا بالنفاق، خرج على شاشة التليفزيون معلقاً على زيارة المشير لوسط البلد مرتدياً زياً مدنياً معتبراً أن هذه ميزة لسيادته تجعله يستحق القيادة لهذه الدولة، يعنى من الآخر أن يكون الرئيس القادم!!!

قالها السيد مدير التحرير بنفس بساطة وسلاسة، ما كان يتحدث به قبل الثورة عن زعامة مبارك وعبقرية جمال وروعة الهانم، لم يتغير شىء سوى الأسماء.

أخيراً عاد الماضى الجميل بكل روعته وسهولته وعاش مدير التحرير حياته السابقة وتنفس الهواء الذى افتقده كثيرا، لكن الحاضر ليس كالماضى، فالقصة تحولت لحدث ضخم وهى تستحق على كل المستويات المستوى السياسى، حيث إن سيادته قد ورط المشير بتلهفه وتطوعه لحملة انتخابية لم يعلن سيادة المشير نفسه عنها فنال المشير من الحب جانبا وربما حرق بسذاجة مفاجأة كنا سنتلقاها قريبا، ومهنياً فقد ذكر الجميع بالماضى القريب للجريدة، التى ظلت حتى آخر نفس فى عمر النظام تدافع عنه وكافح أبناء شرفاء من صحفييها ليغيروها.

دهشة سرعة العودة للماضى لم تفاجئنى كثيرا، فشهور قليلة لن تغير سنوات تربى فيها هؤلاء فى ظل السلطة ونعموا بخيرها وسعوا للتزاوج معها، بالمخالفة لكل مواثيق شرف المهنة وما زلت أذكر بدايات عام 2001 الذى شهد انضمام العشرات من القيادات والصف الثانى من صحفيى الأهرام للحزب الحاكم وقتها وكانت قيادات الأهرام تتوزع ما بين أعضاء فى لجنة السياسات اللجنة الأكثر قوة ونفوذا وقربا من دائرة السلطة الجديدة متمثلة فى جمال مبارك، وكان على رأس هؤلاء رئيس مجلس إدارة المؤسسة السابق، بينما تراوحت مناصب الباقين بين أعضاء فاعلين فى لجان الحزب المختلفة وبين أمناء إعلام للحزب فى مختلف المحافظات والدوائر، وهو المنصب الذى كان يحتكره صحفيو المؤسسة بدون منافس.

كتبت منذ أكثر من ستة أشهر، وكان أسامة سرايا لا يزال جالسا على كرسيه، إن الثورة جاءت إلى باب الأهرام ثم رحلت، كنت أملك يقينا خالصا أن الأهرام تلك المؤسسة الضخمة والعريقة مترامية الأطراف إداريا لابد لها من ثورة خاصة بها، الأهرام لن تتغير بتغير رئيس تحرير أو لهجة المانشيتات أو تقمص دور المعارضة، بينما كل من يديرون عقلها ويتحكمون فى ضميرها المهنى، هم أنفسهم لم يتغيروا ولم تتغير مبادئهم المهنية الراسخة فى تمجيد كل من يجلس على الكرسى والتطلع للمنصب باعتباره الوسيلة الفعالة لنيل كل شىء ولأن الطبع يغلب التطبع كما يقولون فقد فعل مدير تحرير الأهرام وأحد رعاة ملف التوريث ما كان يفعله يوميا بشكل روتينى، المشكلة أنه فقد تسرع وتخلى عن النيولوك الثورى تحت سمع وبصر ملايين المشاهدين وعلى الهواء مباشرة، فكانت المسألة أقرب لشو ساخر استحق سخرية أكثر سخونة بقدر ما استحق مرارة وضيق من الشرفاء من صحفيى الأهرام وربما يستحق أيضا وقفة لمنع عروض النفاق القادمة حتى لا تتعرض الأهرام لمزيد من الهجوم لأن صحفيا بها تعجل فقط فى تقديم نفسه لمن يحكمون، وتخيل للحظات أن زمن مبارك قد عاد وأخرج قلمه القديم ليكتب بنفس الطريقة البائدة.

نصيحة لكل من يحتفظون بأقلامهم القديمة، الزمن لن يعود، والأقلام القديمة مكانها سلة المهملات، وليست أدراج المكاتب.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة