بعد متابعة عملية صياغة نظام انتخابى مصرى جديد وسط منظومة جدل واسع النطاق تصدر مشهدها ثلاث قوى رئيسية وهى، الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى والنظام المصرى الذى يتولى إدارة البلاد فى المرحلة الراهنة، والشارع المصرى كطرف أساسى أنهكته التصريحات والمواقف والاتجاهات، وبات مشتتا بين هذا وذاك فى مرحلة سياسية تتطلب العمل المشترك بين كل القوى المجتمعية لإعادة بناء هذا الوطن. ولأن النظام الانتخابى يعد مكونا أساسيا لطبيعة الخريطة السياسية والتشريعية المصرية فى المراحل المقبلة، ويعد أحد آليات قياس ديمقراطية النظام الحاكم، وأحد المحددات الخاصة بالمستقبل التمثيلى فى بلد، فكان الاهتمام بدراسة النظام الانتخابى المفروض من قبل المؤسسات الحاكمة الذى شابه العديد من الثغرات التى تفرض تدخل الشعب كأحد الأطراف الفاعلة فى الحياة السياسية المصرية، بلفت نظر القوى السياسية والمجتمعية المختلفة لتلك الأخطاء ومحاولة إيجاد حلول ملائمة للخروج من تلك الأزمة، فقد ارتكب النظام المصرى التجاوزات التالية:
أولا: الثغرات فى مرحلة الإعداد لوضع النظام الانتخابى الجديد:
- افتقاد بعض القوى السياسية والمجتمعية للمعرفة الكافية بالنظم الانتخابية وهو ما يقلل البدائل المتاحة أمام المجتمع للاختيار، وتركيز الخيارات نحو بدائل قليلة جدا ربما ننظر لها كحزب وأنها غير مناسبة لتسيير عملية اختيار أو ابتكار نظام انتخابى يلائم الطبيعة المصرية. وللعلم فإن هناك 12 نظاما انتخابيا تنتهجها دول العالم وهى، عائلة نظم الأغلبية وتشمل «الفائز الأول- الجولتين- الصوت البديل- الكتلة- الكتلة الحزبية» ونظم التمثيل النسبى وتشمل «القائمة النسبية- الصوت الواحد المتحول» والنظم المختلطة وتشمل «النظام المتوازى- نظام العضوية المختلطة» ونظم أخرى وتشمل «الصوت الواحد غير المتحول- الصوت المحدود- نظام بوردا» مع الأخذ بالاعتبار أن المواطنين والقوى السياسية المصرية قادرة على استخدام أى من تلك النظم أو ابتكار نظام خاص وملائم للطبيعة والاحتياجات المصرية.
- استغلال بعض القوى السياسية معرفتها بالنظم الانتخابية للدفع نحو نظام انتخابى بعينه يخدم أهداف تلك القوى دون أدنى اعتبار للمصلحة الوطنية.
- افتقدت عملية تصميم النظام الانتخابى المصرى لوضع قائمة من المعايير الأساسية التى تحدد ما يراد تحقيقه وما يراد تفاديه من النظام الانتخابى الجديد وهو ما لم يتم إعلانه حتى الآن سواء لعدم وجود هذه المعايير أو تعمد إخفائها عن الرأى العام.
ثانيا: ثغرات النظام الانتخابى المطروح:
-صعوبة فهم النظام الانتخابى من قبل المواطنين، وهو الأمر المهم فى ظل بيئة سياسية لا يثق بها المواطن المصرى فى ظل غياب دوافع حقيقية للتوجه للصندوق الانتخابى. إلى جانب كبر الدائرة الانتخابية بشكل جنونى يفتقد لفهم الطبيعة الجغرافية للبلد. تصور أن متوسط طول الدائرة الانتخابية فى صعيد مصر هو 30 كيلو مترا ومتوسط عرض الدائرة هو 8 كيلو مترات. من هو هذا المرشح السوبرمان الذى سوف يقوم بتغطية هذه المساحة فى شهرين؟ مع العلم أن عدد القرى بالدائرة يزيد على 100 قرية بخلاف النجوع والمراكز نفسها.
- إن النظام الانتخابى المطروح لن يعمل على تحقيق مستويات التمثيل المختلفة على الصعيد الجغرافى والأيديولوجى والوصفى، حيث لم يراع النظام الجديد التمثيل العادل بين المحافظات والأقاليم والدوائر المختلفة وفقا لعدد الناخبين، كما أصر النظام المصرى على الاستمرار فى سياسة كوتة العمال والفلاحين، التى أثبتت فشلها الواضح خلال الأعوام الماضية. إن المساحة لاتكفى لرصد ما ذكره حزب الحياة من مساوئ هذا النظام الانتخابى المعلن من مجلس الوزراء. إنها كارثة لإهدار الثورة لو تمت الانتخابات بهذا النظام.