فى حياتنا نقابل أنواعا مختلفة من البشر، منهم من نقترب منه ونأتلف معه، ومنهم من ننفر منه ونبتعد عنه، حب الناس هو أغلى قيمة إنسانية يستطيع الإنسان الحصول عليها، فالحب الصادق المنزه عن الأغراض هو عملة نادرة فى زمن الماديات والبحث عن المصالح.
هناك من البشر من لا تساويهم كنوز الأرض وهناك من البشر من تود أن تترك لهم الأرض من فرط شرهم وسواد قلوبهم وخسة أخلاقهم التى لا تتغير ولا أمل فى إصلاحها، عواطفنا ليست دائمة فهى تنتقل من حال إلى حال، تشتعل وتخفت، تموت وتحيا، ولكنها تبقى تحركنا وتحدد شكل سلوكنا واهتمامنا بالآخرين.
حين يراجع كل منا شريط حياته ويستدعى ذكرياته تتراءى له وجوه كثيرة مرت به، منها ما يحمل له ذكريات إيجابية ولحظات ساحرة ومنها ما ينغص عليه حياته ويثير الشجن والألم ويدعو إلى الحزن، علاقاتنا بالبشر هى عملية ديناميكية لا تتوقف وتفاعلنا معهم مستمر، ولكن هل سألنا أنفسنا يوما لماذا فقدنا من كنا نتمنى وجودهم معنا طيلة حياتنا؟.
إننا فى كثير من الأحيان نصر على أن يكون من حولنا مثلنا تماما بلا اختلاف، يحبون ما نحب ويكرهون ما نكره ويفضلون ما نفضل، لا نحب من يخالفوننا ويختارون غير ما نختار سواء على مستوى الأفكار أو القرارات أو حتى أسلوب الحياة، نسعى لقولبة الآخر وجعله نسخة كربونية منا حتى يسهل علينا التعامل معه، ولكننا – وإن نجحنا فى ذلك – أحيانا نفقد الكثير من التنوع والثراء الإنسانى الذى سيضيفه المختلف عنا إلينا، إن كل إنسان ذو بصمة خاصة فى الحياة مهما كانت قدراته وسماته، ومحاولة قولبة البشر هى نوع من القتل للتفاعل الإنسانى، لذلك نفقد من لا نستطيع قولبتهم ويبتعدون عنا هربا من السجن الذى نريد أن نحصرهم فيه.
نتعامل أحيانا مع الناس بسقف مرتفع للغاية من التوقعات والطموحات، رغم أن إمكانياتهم الإنسانية والمهارية لا تؤهلهم لتحقيق هذه التوقعات، فيتعثرون منا ونقوم بجلدهم وعتابهم رغم أننا من أخطائنا حين لم يكن تقييمنا لهم واقعيا، حملناهم ما لا يطيقون فتعثروا وتألموا وأصبحوا يخافون منا بل يهربون لأننا نجلدهم بلا داع ولا مبرر.
حين ترسل لنا الأقدار بشرا ممن تنجذب قلوبنا إليهم، نقبل عليهم بشدة ونتعلق بهم ويصبحون محور اهتمامنا ومحل تقديرنا، فنغدق عليهم حبا وحنانا واهتماما بلا حدود، ولكننا مع ظروف الحياة وقسوتها وتداخل الاهتمامات وتعددها، ننسى فى غمار الأحداث هؤلاء، فلا نبادلهم الاهتمام نفسه ولا المشاعر نفسها والحميمية والتواصل، فيشعرون بالاختلاف ويفسرون ذلك على أنه تقصير فى حقهم أو عدم رغبة فى استمرارهم فى حياتنا ويتألمون لأنهم يفتقدون درجة الاهتمام الأولى نفسها، فيتساقطون منا ويبتعدون عنا رغم أنهم قد كانوا فى لحظة ما أقرب البشر إلى قلوبنا.
نقابل أيضا فى حياتنا بعض من يلمعون ببريق يستحوذ على نفوسنا وعقولنا، وننبهر بسرعة بمثل هذه النماذج ونتخيل أنها ذهب وسرعان ما ينكشف لنا زيف معدنها ورداءة أصولها ولكن فى الوقت نفسه نكون قد جنينا على المعادن النفيسة التى حولنا بنسيان وإهمال بعد أن نكون قد أغلقنا عيوننا بسبب شدة البريق الزائف واللمعان الكاذب، فنخسر النفيس بسبب الردىء ونندم حين لا ينفع الندم.
كلما تأملنا فى ذواتنا وتحدثنا مع أنفسنا بصدق كلما اكتشفنا أن فقدنا بشرا قد نكون نحن السبب الأساسى فيه وليسوا هم، ولكن كبر الإنسان وغروره وتعاليه عن مصارحة نفسه والانتصاف منها يجعله كثيرا يبرر لنفسه كل الأخطاء التى يفعلها ليقوم بإسقاطها دائما على آخرين ليرتاح ضميره، إننا بحاجة إلى مكاشفة أنفسنا ومصارحتها لنعرف لماذا نفقد من حولنا رغم حاجتنا لوجودهم فى حياتنا..هل نستطيع؟
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
اسماء
تخيل رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
Magdy Etman
حلو قوي
عدد الردود 0
بواسطة:
gehanhany
فهل تقبل
عدد الردود 0
بواسطة:
د/محمودحسين
رااااااااااااااااائع يا دكتور
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال محمد
لاا مبادىء حاكمه او فوق دستوريه من رجال امريكا واسرائيل
عدد الردود 0
بواسطة:
المصري
شكرا دكتور مصطفي النجار
عدد الردود 0
بواسطة:
samya
رائع مصطفى
ربنا يحمى شباب الثوره ويبارك فيكوا
عدد الردود 0
بواسطة:
Alaa Mosaad
^_^
Awesome article :D i love it
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن مصري
تلف وتدور . بنحب مبارك . يا بتاع 6 ابريل