كأنما تولد كل صباح فى قلبى من جديد، فتشعل الحياة مرة أخرى، وتبعث داخل خلاياى الأمل، وتنبت فى ساحة السماء شمسًا غير التى نعرفها، تلك التى تستخرج من داخلى كل هذه الأحاسيس والمشاعر والقصائد التى ما أن تكتمل حتى أحس بها تحتوى كل القلوب، إنها أفرو ديت الكون، تجعلنى أتكلم بلغات العاشقين، ويتكلمون بأشعارى، حتى أكتشف أننى سيد العشاق وضمير المحبين، إنها حالة التحدى التى بداخلى، هذا التحدى ينصهر، ويدفعنى لأن أواجه كل شىء فى الدنيا، حتى فى أحلك الظروف وأسوأ المناخات والمتاهات التى نعيشها، ووسط الحراك السياسى الموجود، والغموض، وتناقض الأحداث، والثورات العربية المتعاقبة، وتراجع كثير من البلدان وتقدم أخرى، وتفكيك خرائط المنطقة، وسط كل هذا كان لابد أن أبحث عن إبداع خاص وإلهام يحركنى من ركام الفوضى إلى المعنى الحقيقى للاستقرار والأمان الروحى والطمأنينة، نعم إنها أفرو ديت التى تصنع هذا الحراك والإبداع، ولولاها لكنت رهين هذه الصحراء الممتدة من الفكر والقلق النفسى، والعذاب الذى يتولد كل صباح من سيل الأخبار وتقلب السياسات.. إنه القدر الذى دائمًا يوحى لنا بالطريق المستقيم وينقذنا من التيه والحيرة والدوران حول السراب، فى محاولة للبحث عن الحقيقة واليقين، وكان بالفعل موعدًا مع القدر، الذى هو عندى أحلى الأقدار.. أفرو ديت، التى تحول المناخ الكئيب إلى واحة من الحب، أحس دائمًا بأنها خلفى تدفعنى، وأنها المرأة التى تصنع الدهشة والأمان الدائم.. أفرو ديت حالة لا أعتقد أنها ستتكرر مرة أخرى، فى أى مكان آخر، ولا أى زمن آخر.. وتدور الأيام وتلف، وتتشتت الأحداث وتتوارى معانٍ وتولد معانٍ غير التى اعتدنا تداولها.. ولكن المعنى الأسمى هو الحب، الذى يحرك كل جمود، ويضعنى على أرض ثابتة، ويؤكد لى أنها دائمة العطاء، دائمة الخصوبة، تلك التى تمنحنى الحب والدفء الممتد، والبراءة، والوصول إلى الكمال، وتعود بى الذاكرة إلى سنوات طويلة مرت بها أزمات فى حياتى.. وكدت أن أرمى بنفسى خلف ستائر النسيان، ولا أعرف أحدًا يمكنه أن يسكن فى عقلى، ويتمكن من إحداث انقلاب عنيف، يكسر كل الجمود ويحيل الثوابت إلى جزئيات مشردة ويجعل القلب حاضنًا كل الدنيا.. يأتى ذلك فى زمن يخلو من المشاعر، ويعيش فيه الناس فى فتور، ونفاق، وتراكمات من الأزمات والمشاكل.. وسرعة الأحداث.. وتظل حالة الحب الحقيقية هى تلك اللحظة التى نرصدها بإخلاص، هى التى تعلن دائمًا انتصار الحب، هى التى تعلن دائمًا أننا فى مواجهة الخضرة الممتدة، وأن عيوننا قد هجرت الصحارى الجرداء.. الحب يحمل الإنسان من الجفاف إلى التطهير والبراءة، ويعرفنا قيمة العطاء، فإذا عاشه الناس مجرد أنانية وسلب فإنهم لن يصلوا إلى شىء، ولن يحصدوا سوى الهباء والرماد.
إنهم يرقدون فى العراء بعيدًا عن كل المشاعر الصادقة، تلك التى لا تهجرنى أبدًا، أجرى وأحاول الإمساك بأشعة هذه الشمس الأسطورية، ولكنى فى كل مرة أكتفى بما تمنحه لى تلك اللحظات من الدفء والنور ومتعة الوصول إلى المنتهى.. هذه المنتهى هى أفرو ديت تلك التى ألهمتنى، وصنعت من ظلالها تاريخًا لكل شىء حولى.. فلا أتلفت إلا وأراها فى كل المفردات وفى كل الأمكنة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة