انقسمت النخب المصرية من إسلاميين وقومجية فى الآونة الأخيرة حول من هو البطل الذى نزع العلم الإسرائيلى من فوق سطح السفارة الإسرائيلية، أحمد الشحات أم مصطفى كامل؟، وأيهما أجدع، تركيا التى طردت السفير الإسرائيلى من أراضيها، وقطعت العلاقات الدبلوماسية، أم مصر التى قبلت الاعتذار الإسرائيلى بعد أن أرغم الرأى العام المصرى إسرائيل على الاعتذار لأول مرة فى تاريخها «فى شجار بين أشقاء داخل بيت الناتو». هل يعلم أصحاب هذا الانتصار الحقيقى أن قوة الرأى العام المصرى الثورى، أرغمت أمريكا للضغط على إسرائيل للاعتذار، فى حين أن تركيا نظراً لعضويتها فى حلف الناتو، وارتهان مقدارتها وتعاقدها مع الغرب، قد جعل الولايات المتحدة الأمريكية تضمن ولاءها، وتضعها فى المرتبة الثانية بعد مصر؟ هل يعلم هؤلاء الشباب أيضاً قوتهم الحقيقية أم لا؟ بالطبع لست أدرى، نظرا لانسياقهم وراء انفعالاتهم دون قياس أثر حقيقى لإنجازاتهم الفعلية على الأرض، فلأول مرة فى تاريخ المنطقة منذ 30 عاماً تتبوأ مصر الصدارة إقليمياً ودولياً، وتتقهقر تركيا وإيران للخلف، فالولايات المتحدة الأمريكية تضمن ولاء تركيا إستراتيجياً، وتعلم أن إيران تتراجع قوتها من جراء الانقسام الإيرانى الداخلى بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وتفاعلات الثورة السورية، وانهيار المقومات الأخلاقية لأذرعها فى المنطقة، فبشار الأسد يقتل بدم بارد، وحزب الله انكشف القناع الثورى عن وجهه بعد تأييده المطلق للنظام العلوى الطائفى فى سوريا، وحيرة حماس فى البحث عن ملاذ آمن بعيداً عن الهيمنة الإيرانية السورية، وبالطبع كلنا نعرف رغبة حماس فى الانتقال لمصر. تُرى ما معنى البطولة لدى هؤلاء الثوار الشباب؟ هل فى انتزاع العلم الإسرائيلى أم فى الحفاظ على الثورة فى إعمال العقل، وإنجاح التجربة الديمقراطية، والتقدم العلمى، ودفع معدلات التنمية للأمام وصولا لحل مشاكل البطالة.. إلخ، حتى يتسنى لنا هزيمة إسرائيل اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، فتسقط عسكريا من تلقاء نفسها؟ ولست أدرى أيضا هل يعلم هؤلاء الشباب أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية، والانتحار الجماعى للشباب المصرى قد عادت تطل برأسها من جديد؟، ووفقا للإحصائيات المنشورة فى الصحف الرسمية فيما بين شهرى يوليو وأغسطس، تم إحباط 22 محاولة لهجرات غير شرعية لشباب مصرى بلغ تعدادهم 514 شابا من 14 محافظة، هى: «القاهرة – الإسكندرية - مطروح – الإسماعيلية – الغربية – الشرقية – البحيرة – القليوبية – كفر الشيخ – الدقهلية – دمياط – بنى سويف – المنيا – سوهاج»، وفى إحدى المحاولات مات غرقا 54 شابا. وبنظرة واحدة إلى تلك العينة نكتشف أنها تمثل غالبية محافظات مصر فى الوجه البحرى والقبلى، ومحافظات القنال، ووفق تحقيقات النيابة العامة فإن متوسط ما يدفعه الفرد لتلك الهجرة غير الشرعية 50 ألف جنيه، يدفعها الشاب وهو يعلم علم اليقين أن احتمالات موته أكثر من احتمالات نجاحه فى الهجرة، كل ذلك يؤكد لنا خيبة أمل هؤلاء الشباب فى ثورة 25 يناير. هل يعلم الدكتور عزازى محمد عزازى، محافظ الشرقية المحترم، أن هناك ضحايا من محافظة الشرقية قد ماتوا غرقا، وأن آخرين قد تم إنقاذهم؟ فهل يدرس سيادة المحافظ المثقف والمناضل هذه الظاهرة، ويدع لها الأولوية فى العلاج عبر خطة تنموية توفر لهؤلاء الشباب العمل والكرامة، بدلا من الموت فى عرض البحر? إننى أحيى سيادة المحافظ بتكريمه البطل أحمد الشحات، ولكن هل الأولوية للشحات أم للشحاتين؟!