كانت أول مرة أسمع فيها كلمة «سلفى» وأتوقف عندها منذ نحو عشرين عامًا، بالطبع كانت الكلمة فى القاموس والتراث، لكنها لم يكن لها هذا المعنى الذى نتداوله الآن، حتى ذهبت مع صديقى «ع…» فى إحدى البلاد العربية الشقيقة، والشقيقة هنا من باب التزيد لأنها كلها، «شقيقة»!.. ذهبنا إلى إحدى المصالح الحكومية لإنهاء أمر لا أتذكره الآن، وإن كنت أتذكر صعوبة تنفيذه.
وفجأة ارتقع حماس «ع…» وزاد تفاؤله وهو المتفائل دائما، وغمز إلى أحد الموظفين وقال:
- يبدو أن هذا الشاب سلفى مثلى!
كانت جملة هائلة، فهذه أول مرة أعرف فيها أن صديقى «ع…» سلفى، وبعدها ناقشته فيما قال، ووجدته يسعى للتشبه بالسلف الصالح، وطبعًا لا أحد يسعى للتشبه بالسلف «الطالح» ولدينا الكثير من هؤلاء بداية من أبى جهل وأبى لهب إلى بعض من نعرفهم.. أنت وأنا!
وصديقى «ع…» لتعرف درس السينما فى أوروبا، وعمل فى التليفزيون، وحلمه الأكبر أن يقدم فيلما روائيا عظيمًا، وأيضًا هو أنيق شديد الأناقة لا يرتدى إلا أفخم الماركات العالمية رغم أن أحواله مثلنا، المهم أن صديقى «ع…» أرسل لى أشياء لا أذكرها مع صديق له لن أشير إلى اسمه بأول حرف لأن اسمه يستأهل الذكر وهو «نظام»،.. ولقد توفى أخيرا، وهكذا لم يسمع «الشعب يريد تغيير النظام أو إسقاطه»، فى معظم البلاد العربية، الشقيقة طبعًا!
ورأيت أنه من الواجب أن أستقبل السيد «نظام» فى المطار على غير عادتى. ووجدت بالصفة بعض الأصدقاء قدمتهم إلى نظام وسره أن يتعرف عليهم إلا سيدة فاضلة ورفض أن يصافحها قائلًا:
- أنا لا أصافح النساء!
وكانت أزمة مازالوا يتحدثون فيها إلى الآن، وفى الطريق قلت للسيد نظام:
- لقد فهمت الحديث الشريف خطأ، وكأنك تقول: لا تقربوا الصلاة، لقد كان الرسول قد صافح عددا كبيرًا من الرجال عندما وجد النساء يتقدمن إليه، فقال ما قال.
وبالطبع فند نظام كلامى واستغرق هذا الحديث من المطار إلى فندق خمس نجوم شهير، وصلنا إليه فوجدنا الشيخ «أ…» فى انتظار الشيخ نظام، وبشره أن الأخوة فى طريقهم إليه، وأنهم سيصلون قريبًا.
وصعدنا إلى غرفة نظام وإذا بمكالمة تليفونية فهمت منها فيما بعد أن الأخوة وصلوا إلى مشارف الفندق فتذكروا أن فى هذا الفندق من يشربون الخمر ويلعبون الميسر ويمارسون الزنى، وأنه لا يليق بهم أن يدخلوا مكانا كهذا.
اضطر نظام إلى أن ينزل ليقابلهم فى أرض طاهرة، وترك معى الشيخ «أ…» حتى يعود ويخرج ما أرسله صديقى إلىّ من حقائبه.
جلس «أ…» وأنا وحدنا، لم أكن أعرفه من قبل، ولم يكن قد سمع بى رغم أنه يعمل فى نشر الكتب.
ووجدت من واجبى أن أفتح الحديث معه عن الكتب، وكنت قد قرأت للدكتور حسين مؤنس كتابا عن السيرة النبوية صدر حديثًا، فسألته إن كان قد قرأه، فبدأ الغضب على وجهه وقال:
- أنا لا أقرأ هذا الكفر!
وصدمت، أنا لا أعرف الدكتور مؤنس، ولم ألتق به أبدًا رغم أنه كان يدرس فى نفس الكلية عندما كنت طالبًا، أيضًا كنت أسكن على بعد بضعة بيوت حيث كان يسكن، ولم أكن أبدًا معجبًا بكل آرائه، لكن ما قاله الشيخ «أ...» روعنى!
وهكذا أدركت - أو أظننى فعلت - أن السلفيين أنواع، وأن الفكرة هى التعلق بما قدمه السلف من خير، وإن كنا نرى أحيانًا أن ما كان خيرًا فى زمان لا يعد كذلك فى زمن آخر.
وعندما قال لى صديق منذ نحو عامين إن بعض أصدقائه السلفيين يريدون مقابلتى، تذكرت نظام و«أ…» وتهربت من المقابلة، لكنه استمر فى الإلحاح، ووافقت على أن يكون ذلك فى منزلى.
وجاءنى ثلاثة رجال تحدثوا طويلًا عن دور الكاتب فى نشر الدعوات الصالحة، فقاطعتهم قائلا:
- أنا أكتب للتليفزيون والسينما والمسرح والإذاعة فهل تشاهدون هذا!! أكدوا أنهم يفعلون وتذكروا بعض الأعمال التى أعجبتهم.
وكانت جلسة فى غاية الرقى.
بالطبع لقد قدمت الجانب الوردى، وهناك جانب آخر، لكننى أرى أن الحوار هو أساس التعامل، فالذى يصفك بالكافر عندما يجلس معك لن يقولها، ومن يلتقط من الدين ما يلهب النيران وحسب لو عرف أنك تعرف فى الدين مثله وربما أكثر سيدقق فيما يختار.
الحوار هو أفضل طريق، وهو خير دواء لنا وللسلفيين أصدقائى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مرتضى رمضان
أشك فى هذا الأمر
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد رمضان
الى صاحب اول تعليق
عدد الردود 0
بواسطة:
MAHMOUD
مش مصدقك
ههههههههههههههههههههههههه
ينفع فيلم
عدد الردود 0
بواسطة:
adel.najjar
لو أردت الحق
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmed
لقد تعاملت مع كثير من السلفيين والسننيين
عدد الردود 0
بواسطة:
تامر أبو الخير
بس لو نبطل نفتي
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
اي حد مختلف مع السلفيين يتفرج على المقطع ده
عدد الردود 0
بواسطة:
بأبى أنت وأمى يارسول الله
من أين أتيت بتأويل حديث المصافحه هذا ياإمام المحدثين؟؟؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود فتحى
يا ريت نوزن الأمور
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري مغترب
السلف الصالح والمنهج السلفي والسلفيين