بالرغم من مساحة الأمل الواسعة التى أوجدتها الثورة المصرية فى نفوس المصريين، وفتح الباب أمامهم لتحقيق أحلامهم، بعد أن ظل النظام البائد يقتل أحلامهم ويزرع اليأس فى نفوسهم، ولكن ما يحدث فى مصر الآن يشير إلى أن الحالة الثورة بدأت تخبو مع مرور الوقت، وبدأ الفلول وأتباع النظام البائد يطلون برؤوسهم على الساحة من جديد، بل أصبحوا يدسون السموم فى كل مناحى الحياة بشكل علنى ليفسدوا مناخ الحياة الثورية.
الغريب أن حكومة الدكتور عصام شرف أصبحت تسير فى فلك الفلول ومازلت تعيش فى جلباب النظام البائد، فبدلاً من اتخاذ قرار يعبر عن إرادة الشعب ويثبت أن مصر كيان كبير ودولة عظيمة مهابة المكان والمكانة تجاه ما حدث للجنود المصريين على حدود الكيان الصهيونى، نجد الحكومة ترد على استشهاد المصريين على أيدى قوات معادية بنفس البرود الذى كان يتعامل به مبارك ونظامه، بل قامت بحماية السفارة الإسرائيلية ببناء جدار عازل فى وسط القاهرة، على غرار الجدار الذى حبست فيه إسرائيل الشعب الفلسطينى.
لقد خيبت الحكومة والمجلس العسكرى ظن الشعب، وردوا على قتل المصريين بنفس الدبلوماسية الرخوة التى أدت إلى تراجع مكانة مصر على مدار 30 عاماً، نحن لا ندعو الحكومة والمجلس العسكرى للحرب، وإنما ندعوهم لاتخاذ موقف يؤكد أن دم المصريين غالٍ ولا يمكن أن يهدر بهذا الشكل دون ثمن.
إن مصر تحتاج إلى موقف يمنع تكرار قتل الإسرائيلين للجنود المصريين، ويؤكد أن مصر الرخوة انتهت وأصبحت الآن أكثر صلابة وقوة وإرادة.
إن إصرار الحكومة على عدم طرد السفير أو تعليق العلاقات بين الجانبين لحين إجبار إسرائيل على الاعتذار، يؤكد أن الحكومة تعمل بنفس السياسية العقيمة للنظام البائد، ولا تعرف كيف تستغل الأوراق المتعددة التى تمتلكها مصر، ولا تدرك أبعاد اللعبة السياسية.
إن التراجع فى أداء المجلس العسكرى والحكومة فتح الباب على مصراعيه أمام أذناب النظام البائد لتفعل ما تشاء وتلفق الاتهامات وتغير الشهادات فى محاولة لإنقاذ مبارك ورجاله، بل أصبحت الحكومة تكرّم مجرمين على أنهم أبطال، كما حدث من قبل وزير الداخلية اللواء منصور العيسوى، الذى قام بتكريم أحد الضباط فى مدينة الإسكندرية وزيارته له فى المستشفى، بالرغم من اعتدائه على أحد المواطنين وإطلاقه النار عليه فى مناطق متفرقة من جسده.
إن سعى الحكومة والمجلس العسكرى إلى نزع الروح الثورية من الشارع والحياة المصرية دفع أنصار النظام البائد للظهور بكثافة فى وسائل الإعلام، خاصة على التليفزيون المصرى، وبدأ كل منهم يحكى عن بطولاته الوهمية، وكأنه ليس شريكا فى فساد الحياة السياسية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية، مثل الدكتور الذى ظل جاسماً فى لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب لمدة 20 عاماً ساهم خلالها فى تردى السياسة الخارجية وتقزيم مصر دولياً، ثم يتبرأ بشكل مثير للغثيان بأنه ليس مسئولاً عن ذلك، ولم يكن له دور فى صنع السياسة الخارجية، وكأنه يتحدث إلى شعب آخر غير الشعب المصرى.
نتمنى أن تتعلم الحكومة المصرية الدرس من نظيرتها التركية، كما حدث فى موقفها مع إسرائيل، نتمنى أن يشاهد المارة على كوبرى الجامعة بالجيزة السفارة الإسرائيلية مغلقة لحين الاعتذار والتحقيق عما فعلته إسرائيل ولا يشاهدون قلعة حصينة من أجل عيون الإسرائيليين.
إن ما تفعله الحكومة والمجلس العسكرى يجعلنا نفقد الأمل فى التغيير، ونخشى أن يكون كل ما حدث مجرد تغيير فى الأشخاص بقوة الشعب، وليس تغييرا فى السياسات والأفعال، وأن نجد أنفسنا فى حاجة إلى ثورة جديدة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود الديب
ربنا ينور عليك
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد السيد عبد العاطي
الاهم ثم المهم