استغلال الدين للمصالح الشخصية وتفسير الدين بالاجتهادات الذاتية عملية تاريخية سابقة للأديان السماوية فمن الواضح أن تلك الممارسات قد أصبحت جينات إنسانية يتوارثها البشر فى كل الأجيال ولكل الأديان. وبالرغم من أن الأصوليات الدينية تعنى تلك الممارسات الإنسانية التى صاحبت الأديان فى صورها الأولى فى المجال الاجتماعى والحياتى والممارسة على أرض الواقع على ضوء تفسير النص بما يتواءم مع هذا الواقع ولا يتناقض مع المقاصد العليا للأديان. ولكننا نجد حتى الآن من يتمسك بتلك الممارسات الأصولية والسلفية ويريد تطبيقها بالقهر والإجبار باسم الدين. فنجد ما يسمى بجماعة الحرديم وهى جماعة متشددة يهودية تريد تغيير الواقع حسب رؤيتها الخاصة وعودة لما كان فى بداية نزول اليهودية فيقومون بإنزال السيدات من المركبات العامة، ويحرمون تجنيدهن فى الجيش ويرفضون إقامة الحفلات الغنائية، وبنفس المنطق وبذات السلوكيات قد وجدنا من يدعو على صفحة باسم حزب النور بتكوين ما يسمى بجماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر معلنة عن طلبات توظيف للمتطوعين بأجر شهرى 500 جنيه «ولا نعلم أهى وظيفة أم تطوع».
وقد بدأت تلك الهيئة ممارسة عملها بالفعل على أرض الواقع بضرب سيدات بالقليوبية بالشباشب وتكسير محل كوافير ومنع الحلاقين من حلاقة اللحية لأحد، وهكذا وعلى ذات الوتيرة وبنفس تلك العينات من هذه الممارسات سنشاهد ما لا يخطر على عقل. وبالرغم من تنصل حزب النور من هذه الهيئة واعتبار أن الصفحة الخاصة بها مدسوسة على الحزب، إضافة إلى بيان مجمع البحوث الإسلامية برئاسة فضيلة شيخ الأزهر والذى وجه انتقادات شديدة إلى إنشاء تلك الهيئة، ومع ذلك قد وجدنا ذلك الإصرار الغريب والعجيب من هؤلاء حيث رفضوا بيان مجمع البحوث بل أصروا على وجود اتفاق بينهم وبين حزب النور سيتم الكشف عنه، وشاهدنا من يطالب بعدم تهنئة الأقباط أو المشاركة فى أعيادهم فهم كفار وعقيدتهم فاسدة، فى الوقت الذى يهرولون فيه للاتصال والتطبيع مع الصهاينة، وكم تشدقوا بالقول عن أن فلسطين هى قضية الإسلام والمسلمين فماذا يريد هؤلاء؟ أهى صورة أخرى من قوات الحزب الثورى الإيرانى؟ أهى ممارسات تقصد إسقاط هيبة الدولة وإحداث مزيد من فقد الثقة فى دور الدولة وإمكاناتها؟ ولماذا لا يضعون تلك المراجعات التى قامت بها الجماعة الإسلامية والاستفادة بها فى هذا المجال؟ وهل يمكن أن يفرض الإيمان بالقوة أم الاقتناع والحوار والقبول «ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك» والأدهى والأمر فمن سخريات القدر قد وجدنا أحد المتاجرين بمشاكل الأقباط يخرج علينا رداً على هيئة الأمر بالمعروف الإسلامى بأنه سيعلن هيئة الأمر بالمعرف المسيحية ولا نعلم من أين جاء بهذه التخريفات؟ ومن يمثل هذا؟ ومن وراءه؟ ولذا فالأمر قد أصبح سداح مداح فكل من يريد أن يفعل شيئا يفعله تحت ظلال الحرية وباسم ممارسة الديمقراطية. وهنا أين أجهزة الدولة من هذا؟ وما موقف المجلس العسكرى والشرطة؟ وهل سيتم الصمت حتى نجد أن هذه الممارسات قد أصبحت أمرا واقعاً فنضيف هما آخر لهمومنا؟