سحر الجعارة

كيف تواجه «خوارج العصر»؟

الثلاثاء، 10 يناير 2012 04:48 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رأيت أكثر من مرة أعضاء هيئة «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» بالمملكة العربية السعودية، أثناء ترددى عليها للعمرة أو لأداء فريضة الحج.. كانت تحرم البيع والشراء أثناء الصلاة، وسمعت كثيرا عن تجاوزات تلك الهيئة هناك.
لكننى لا أتخيل ما الذى يمكن أن تفعله جماعات «الحسبة» فى مصر، بعد عزمهم إنشاء هيئة مماثلة وبنفس الاسم: «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» فى مصر.
هل ستعود مصر لمرحلة الإرهاب باسم الدين، فتحرق نوادى الفيديو، ونعود لرش ماء النار على النساء فى الأسواق، واقتحام الأفراح !!.
لقد عانينا الإرهاب طويلا، ونظرية «الاستحلال» التى اقتحموا بموجبها محال الذهب، حتى وصلنا لاغتيال المفكر «فرج فودة» على يد «المحتسبين الجدد» لأنه انتقد فرض ارتداء «الشورت الشرعى» على لاعب الكرة!.
وانتقل فيروس الحسبة سريعا لمطاردة الكتاب والمبدعين والفنانين، بسبب رأى أو صورة، حتى صدر قانون يحدد مسؤولية تحريك أى دعوى «حسبة» بالنيابة العامة وحدها. لكن ذلك لم يوقف دعاوى الحسبة، حتى وصلنا إلى دعوى «حسبة سياسية» تختصم بعض الكتاب لأنهم تحدثوا عن صحة الرئيس السابق!.
لقد ذقنا مرارة الحسبة على مستوى «النخبة» من مثقفين ومبدعين، ووصلت «مطواة الحسبة» إلى رقبة «نجيب محفوظ».. وأهدرت «فتاوى الحسبة» دماء الرموز المصرية واليوم تطارد البسطاء من الناس.
هذه مقدمة لابد منها لفهم أهمية ما عرضه زميلى باليوم السابع «محمود سعد الدين»، للمراجعات الفقهية والفكرية للجماعة الإسلامية، التى كتبوها خلف القضبان، وعليهم الآن العمل بها وحث الشباب «المضلل» على الفصل بين «واجب الفرد» و«سلطة الدولة» إذا أرادوا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
فى تلك المراجعات المهمة للجماعة الإسلامية، (التى يأتى على رأسها «ناجح إبراهيم» «وكرم زهدى»)، نجد حدودا فاصلة بين «الحرية الشخصية» وما يدعون أنه «منكر».. وبكل أسف المساحة لا تكفى لمناقشة كل ما عرضه «سعد الدين» لتلك المراجعات.
لكن أكتفى- هنا- ببعض النماذج التى تبين ضوابط «الحسبة»، إذا فرضت علينا، فى البحث الذى حمل عنوان «النصح والتبيين فى تصحيح مفاهيم المحتسبين».
فعلى سبيل المثال: أكدت الجماعة عدم جواز اعتراض رجل وامرأة يمشيان فى الطريق بحجة أنها أجنبية، وقالت بالنص «هذا الكلام غير جائز لا للمحتسب المتطوع، ولا حتى للمحتسب المعين، ما داما ليسا فى موضع ريبة».
وفى موضع آخر، تقول الجماعة الإسلامية أنه: «لا يجوز اعتراض سبيل الفنانين وفرقهم أثناء عودتهم من الأفراح، وتحطيم ما معهم من آلات، وضربهم، عقاباً لهم على منكر فعلوه فى هذا الفرح كما يظنون». لأن الضرب بعد زوال المنكر من «التعزير» لا من «الحسبة»، والتعزير من العقوبات الشرعية، وليس للمحتسب أن يفعله، وإنما يفعل ذلك القاضى، وبعد التحقيق والحكم.
إذن لابد من سلطة للدولة للتيقن من وجود منكر أصلا !. ونفس الحكم ينطبق فى حالة وجود «رجل سكران فى الطريق».
وتقول الجماعة إن «رش ماء النار على المتبرجات بدعوى أنهن قائمات على منكر، هو من أبشع المخالفات، ولا يمت بأى صلة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر».. وقس على ذلك.
الجماعة الإسلامية تعترف بأن «تطبيق فريضة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، شهد فى مراحل سابقة تجاوزات ومخالفات، أدت إلى تفريغ تنفيذ هذه الفريضة من مضمونها وفاعليتها»، فإذا افترضنا أن وجود «هيئة الرعب» تلك قضاء وقدر، فلابد من وضع ضوابط قانونية، لا أقول تحفظ مدنية الدولة فحسب، بل تحفظ البلاد من فتنة طائفيه واسعة، فقد يُجن الشباب الذى نصب نفسه رقيبا على المجتمع ويطارد «الشيعة» أو «البهائيين» أو «الأقباط» .. أو يتهور أحدهم فيصفى بعض رجال الدين ممن يكفرونهم .. أدعوكم لقراءة العرض الذى قدمه «سعد الدين» بتأنٍ، وهو موجود على موقع «اليوم السابع».. ربما نتمكن من مواجهة السلفيين الجدد أو «خوارج العصر» كما أسماهم الإمام الأكبر الدكتور «أحمد الطيب» شيخ الأزهر.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة