محفوظ عبدالرحمن

أيها المثقفون.. عودة إلى زهير الشايب!

الخميس، 12 يناير 2012 10:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من الأدبيات السخيفة الهجوم على المثقفين وهى «موضة» امتدت سنوات طويلة، ومن الغريب أن هذا الهجوم كان غالباً من المثقفين أو من مدعى الثقافة، وليس سهلاً أن تميز بين هؤلاء وهؤلاء، وأكره بالتالى أن أهاجم المثثقفين ولكن من الضرورى أن ننقد بعض ما يفعلون. وأنا أرى أنهم قد تأخروا كثيراً فى الثورة على النظام السابق، وأرى أيضاً أنهم تقاعسوا عن القيام بدورهم بعد قيام ثورة 25 يناير وعندما سعوا إلى أن يتجمعوا منذ نحو ثلاثة أسابيع بعد محاولات شفاهية اكتشفوا أنهم ليسوا مجمعين على شىء، وربما كان الشىء الوحيد الذى اتفقوا عليه هو الهجوم على أشرف عبدالغفور نقيب المهن التمثيلية.
طغى الدوى الثقافى لزيارة النقيب للمرشد على أسوأ حدث فى القرن الواحد والعشرين وهو المشهد الذى لا يصدقه إلا مجنون وهو الحرق العمد للمجمع العلمى فى احتفالية ملؤها البهجة، فالصبية - بأمر كبار بالطبع - ألقوا بكرات النار وقنابل المولوتوف على هذا المعهد العريق، ولا شك أنك رأيت مثلما رأى الملايين الصبية وهم يرقصون فرحاً بما أنجزوه ولو عشنا ألف عام لن ننسى رقص القرود أمام المجمع والوجوه عليها نشوة النصر، وفى العين بهجة الإنجاز، هل كان ذلك فرحاً؟! فرحاً بماذا؟! هل كان احتفالاً بانتصار الجهل على الثقافة؟ لا أظن أن القرد يعرف أنه جاهل أو يعرف أن المجمع فيه كتب والعياذ بالله والكتب رجس من عمل الشيطان، وأظن أنه دمر الصرح الثقافى مقابل مائة جنيه، وربما أقل، وربما أكثر.
ولا شك أن الحدث أثار اهتمامنا ولكننا انصرفنا فوراً إلى الفضائيات والانتخابات والمحاكمات والاحتجاجات إلخ، وبعد أيام من حرق المجمع العلمى وعمره ألف عام أو أكثر. ومن بكى فعل ذلك خلسة وربما لا يدرى لماذا يبكى، على انحدار المستوى الثقافى لوطن رفعه دوره الثقافى فوق الأمم، أم يبكى لهذا المزيج الجديد باشتراك البربرية مع الحريق مع الرقص؟.
وبكيت لأسباب عديدة أولها: زهير الشايب يكتب منذ أكثر من ثلاثين عاماً لكننى أبكيه الآن بحرقة أكبر. كان زهير الشايب فى ريعان الشباب عندما تصدى لترجمة كتاب وصف مصر رأيناه عملاً جنونياً، فأن يجتمع مئات من أعظم علماء العالم فى زمانهم لتأليف كتاب يمنع فرداً من ترجمة هذا السفر العظيم وحده. أخرسنا الإعجاب آنئذ، نحن الذين كنا نعرف زهير الشايب ونحبه ليس لموهبته فقط بل لأنه أيضاً كان من أطيب وأرق الناس. وتابعناه فى إعجاب ولكن الديناصورات الثقافية ارتاعت من طموح الشاب الوحيد وأعلنت عليه حربها «الذكية» وحاربته فى أحلامه وعمله ورزقه حتى سقط شهيداً.
وما حدث بعد ذلك فى ترجمة كتاب «وصف مصر» دليل على الجهد العبقرى الذى قام به زهير الشايب، فلقد أتم بنفسه ترجمة تسعة عشر جزءاً وبعد ذلك بكينا تأثرا مرات أخرى عندما اشترينا الأجزاء التالية فوجدنا عليها اسمى منى زهير الشايب وأمل زهير الشايب، وللأسف لم أقابل أحدهما من قبل لكننى أكن لهما تقديراً كبيرا لأنهما استمرتا فى إكمال رسالة الأب العظيم وبعد ذلك استولت سبع جهات على المشروع وشارك فيه نحو خمسين من كبار المترجمين.
وأحفاد الديناصورات التى قتلت زهير هم الذين أحرقوا المجمع العلمى ليكشفوا أن فساد النظام السابق كان فى تجريف الثقافة أولاً، وما تبع ذلك من فساد سياسى واقتصادى واجتماعى.
وعلى المثقفين الذين استعادوا دورهم متأخراً أن يدركوا أن الغاية ليست تحقيق أهداف المثقفين ولكن تحقيق أهداف الثقافة. أكتب هذا ويوم السبت القادم موعد لأول مؤتمر جاد للمثقفين منذ وقت طويل، وأتمنى أن يختلفوا كما يريدون ولكن لا يتشاجرون أبداً ولا يلقون بالتهم على معارضيهم فهذه موضة انتهت!








مشاركة

التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد لبيب القاضي

تحية واجبة

عدد الردود 0

بواسطة:

د عبدالفتاح صديق

رحم الله زهير الشايب

عدد الردود 0

بواسطة:

اشرف جابر الشايب

تحية وتقدير

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد خالد الشايب

رحمة الله على الاديب زهير الشايب

كان رجل عبقرى وعظيم

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة