النظام السابق ليس مبارك، ولا الحزب الوطنى فقط، لكنه طريقة تفكير مستمرة. ومنافقو النظام السابق جاهزون لمنافقة أى نظام قادم.
نقول هذا بمناسبة حالات النفاق التعليمى التى ظهرت على واضعى الامتحانات، توجهوا بها إلى المجلس العسكرى أو حزب الحرية والعدالة، والعيب ليس فى المجلس ولا فى الإخوان وإنما فى تركيبة نفاقية عصامية. مدرسة اللغة العربية بالقنايات - الشرقية، وضعت سؤالا إجباريا، يطلب كتابة برقية تهنئة لحزب الحرية والعدالة على تفوقهم فى الانتخابات، وسبقها مدرس بالدقهلية طلب من التلاميذ توجيه رسالة شكر للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.. أسئلة بعضها يعبر عن رأى صاحبها، أو يمثل نوعا من التأييد أو النفاق.
فكرة التعبير عن الموقف السياسى فى المدرسة أو الجامعة أمر مختلف عليه، ويفضل البعض إبعاد السياسة عن التعليم حتى لا تتحزب، أما موضوع النفاق فهو مرض متوطن من آثار التسلط، والحقيقة أن المنافقين يتوجهون بنفاقهم عادة إلى من فى السلطة، فالمعلم الذى يطلب تحية المجلس العسكرى أو الحرية والعدالة، هو نفسه الذى كان يمدح مبارك والحزب الوطنى، أو أى رئيس أو حزب حاكم، هو يتوجه للمنصب وليس للشخص.
والمعلمة التى تطلب توجيه تهنئة للحرية والعدالة، ربما كانت تريد تأييد الإخوان وفى هذه الحالة لا يصح التعامل معها بالعقاب فقط، ويفترض أن تطرح وزارة التعليم فكرة إبعاد التعليم عن السياسة.
أما لو كانت المعلمة تنافق فقد كان من الممكن أن توجه السؤال حول الحزب الوطنى، لو كان هو الذى يجلس فى الصفوف الأولى للبرلمان. وهنا «المُنَافَق له» سواء المجلس أو الوطنى أو الحرية والعدالة، لا ذنب لهم مع المنافقين الذين سينافقون على كل الأحوال، منافقون على سبيل الاحتياط.
النفاق لا يتعلق فقط بالتعليم، بل هو فى السياسة أوضح، انضم كثيرون للحزب الوطنى لأنه حزب حاكم، وليس لأى سبب سياسى أو أيديولوجى، وقيادات الوطنى كانوا هم حزب مصر وبعضهم من قيادات الاتحاد الاشتراكى أيام كان اشتراكيا، ثم تحولوا إلى الانفتاح ثم الخصخصة، وهم على استعداد أن يصبحوا «حرية وعدالة» أو «نور»، أو أى حزب أغلبية، بصرف النظر عن الاسم، هم فى حزب السلطة، مستعدون لأن ينتقلوا إلى أى حزب يفوز، ويصبحوا فيه مصفقين ومهللين ومنافقين.
ظهرت بوادر كثيرة مبكرا، ورأينا عددا ممن كانوا ضد التغيير بل وحتى ضد الإصلاح، وقد صبغوا وجوههم وارتدوا ملابس الثورة، وأصبحوا يتحدثون لغتها، وبعضهم جلس على منصات التغيير صارخا بصوت أعلى وأكثر رنينا، وهؤلاء هم الوقود لكل نظام فاشل ومتسلط لأنهم يجيدون التخفى ولعب دور مزدوج ويحترفون المزايدة والنفاق أعلى وأكثر من غيرهم.
وحزب المنافقين والمزايدين، هو أوسع الأحزاب وأكثرها شيوعا، منافقين للثورة، ثم للمجلس العسكرى، ثم للحرية والعدالة وما يستجد من منافقات.