هناك مؤشرات على أن رئيس الوزراء الدكتور كمال الجنزورى نجح فيما فشلت فيه حكومة عصام شرف، خاصة فى الأمن، وأثمرت جهود وزير الداخلية، وأصبح بإمكان مرتادى الإنترنت متابعة ما يبثه موقع الشرطة عن أنشطة مواجهة الجريمة، وضبط المتهمين والهاربين من الأحكام والسجون، الداخلية أعلنت أنها ضبطت «حشيش» يكفى الوطن العربى، ظاهرة الموتوسيكلات بدون تراخيص تقلصت، ويمكن مشاهدة قوات الشرطة بالطرق الدائرية والسريعة. وزير الداخلية محمد إبراهيم أكثر الوزراء الذين يظهرون فى الشارع، فى جولات بالقاهرة والمحافظات، ويحرص فى تصريحاته على انتقاء ألفاظه بشكل قانونى، يحمل الحسم دون غرور أو تهديد فارغ، وتجد كلمات مثل حقوق الإنسان وسيادة القانون مكانها فى خطابه، الذى ساهم فى تحسين صورة الأمن.
تبقى مشكلة قطع الطرقات بلا حل، رئيس الوزراء الدكتور الجنزورى أبدى اندهاشه وتساؤله عن علاقة نتيجة الانتخابات، أو حادث سيارة بقطع السكك الحديدية، لكن التعامل مع قطع الطرقات يجب أن يكون على أنها أزمة سياسية وليست أمنية فقط، ومواجهتها تحتاج إلى علاج لايقود إلى كوارث وضحايا، والأمر نفسه مع الاعتداء على الأراضى الزراعية والآلاف من مخالفات البناء، التى يمثل استمرارها عدوانا علنيا على القانون ومواجهتها جزءا من فرض القانون، وفى المرور لاتزال موتوسيكلات بدون تراخيص وميكروباصات نقل الركاب العشوائية تمثل جزءا من أزمة المرور.
وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم نجح حتى الآن فى طمأنة المواطنين ووجدت جهوده تشجيعاً، بعد أن شعر المواطنون بوجود الأمن فى الشارع والطرق، وينتظرون أن تصل اللجان والكمائن إلى الطرق المهجورة والصحراوية والسريعة، والمواطنون يفرقون جيداً بين العمل والادعاء، ويصدقون حتى الآن، ولديهم استعداد للتعاون مادام وجدوا الشرطة فى خدمتهم كلما طلبوها ومعهم وليست عليهم.
وزير الداخلية خلال فترة قصيرة نجح فى تحقيق جزء مهم من معادلة الأمن والتعامل مع القضايا المهمة، مثل مطاردة المجرمين وقطاع الطرق والهاربين، ووضع كمائن ولجان فى الطرق الدائرية لعبت دوراً فى بث الاطمئنان بعد شهور من الانفلات. وحسناً فعل أن أبعد نفسه ووزارته عن السياسة التى دمرت الداخلية وظلمت الأمن. الشرطة دفعت ثمن السياسة لنظام مبارك، وعلى البرلمان والرئيس القادمين وهم يبحثون عن إعادة هيكلة جهاز الشرطة، أن يفعلوا ذلك على أساس أنه جهاز لتطبيق القانون وليس فوق القانون، ودوره حماية ممتلكات المواطنين وأرواحهم وأمنهم وحرياتهم وليس للعدوان عليها، وأى اعتداء على حقوق المواطنين فى الأقسام جريمة تستحق العقاب الفورى.
فى كل دول العالم الحديثة، الشرطة قوية وحاسمة، لكنها تعمل ضمن منظومة سياسية وقانونية، وبالنسبة لنا فن الخطوة الأهم هى مواجهة الأسباب الاجتماعية التى تقود إلى انفلات أمنى وأخطرها الفقر، وهو أمر لا علاقة له بهيكلة الداخلية، لكن بالنظام كله وهو دور السياسة.