من بين الآراء المتعددة التى قيلت تعليقا على قرار الدكتور محمد البرادعى بالانسحاب من سباق الترشح على رئاسة الجمهورية أتوقف بالإعجاب أمام رأى الناشط السياسى وائل غنيم: «أفضل ما فى ثورتنا، والحكم للتاريخ، أنها بلا قائد ولا منقذ ولا رمز ولا مخلص، وأنها لم تسع للسيطرة بل أعادت حق الاختيار للشعب».
ومع التأكيد على أن البرادعى لعب دورا وطنيا رائعا فى معارضة مبارك ونظامه، أستعين برأى غنيم فى نقد تفسير البعض لدور الرجل، حيث تم وضعه فى مرتبة الملهم والمفجر الحقيقى لثورة 25 يناير، وأسوأ ما فى هذا الطرح تغافله لنضال القوى الوطنية ضد نظام مبارك، والذى دفع ثمنه رموز وطنية بالاعتقال والتشريد والسجن، وظلت هذه الرموز على عهدها، لا يثنيها قسوة السجون والمعتقلات، وفى هذا السجل يمكن ذكر العشرات من الأسماء التى لفت ودارت على قرى ونجوع مصر، فى عز جبروت نظام مبارك، ومن الضرورى ذكر حركة كفاية التى أخرجت النضال من الحجرات المغلقة إلى فضاء التظاهر فى الشارع، وأهم ما فيها أن تأسيسها لا ينتسب لشخص وإنما لفكرة جمعية ساهم العشرات فيها.
أعلم أن هناك من سيرد بغضب قائلا إن الحركة الوطنية كانت مأزومة، وافتقدت لرمز تلتف حوله حتى جاء البرادعى، وهذا قول مردود عليه، بأن الرجل أثر فى الذين رأوا فيه قائدا لهم، أما الثورة وتوقيتها فلم تقف على فصيل سياسى أو قائد ملهم لها، وإنما تفجرت بإرادة شعب ونداءات شباب رائع، يلتف بعضه حول البرادعى، ومعظمه يلتف حول فكرة التغيير دون تنصيب رمز لها.
لم يتدافع المصريون لثورتهم لنداءات وجهها البرادعى أو غيره، وأعيدوا قراءة الحوار الذى أجرته الزميلة «المصرى اليوم» قبل شهور مع الدكتور أسامة الغزالى حرب، والذى قال فيه صراحة إنه حاول إقناع البرادعى بالنزول يوم 25 يناير، لكنه رفض لأنه لم يكن يثق فى النخبة السياسية، صحيح أنه لحق فيما بعد بركب الثورة، وأعطى لها، لكن فى ظنى أنه وبرغم نضاله فإنه كان ينتظر دور الرئيس أكثر من دور المناضل، وانسحابه قد يصحح الكثير له، خاصة إذا كان سيؤسس حزبا جديدا، فلو فعل ذلك وشق الحزب طريقه الجماهيرى الصحيح فسيكون الحكم عليه قائماً على معايير صحيحة.