خلال ساعات بدا البلد كله مقلوبا رأسا على عقب، وبدا أننا نسير بخطا ثابتة إلى مجموعة أزمات متداخلة.. عدد من الوقفات الاحتجاجية من أصحاب المعاشات وموظفى المعلومات وسائقى السيارات النقل الثقيل، وعمال وطلاب وموظفين.. صحيح أنه لم يمر يوم بدون وقفة أو احتجاج، لكن التحركات الجماعية كانت تقلصت وإن كانت لم تنته، وقبل أن ينتهى مساء أمس الأول كانت الشوارع القريبة من محطات البنزين قد أغلقت بطوابير السيارات التى تصطف فى انتظار البنزين مع كلام كثير عن رفع سعر البنزين غزا محطات البنزين التى أغلقت أبوابها انتظارا لرفع الأسعار وتحقيق هبرة مكاسب مرة واحدة.
وبين الشائعات وأنصاف الحقائق توترت الأجواء، وتعكرت الحالة المتحسبة والمنتظرة على الفضاء الإلكترونى ظهرت تحاليل تتهم المجلس العسكرى باختلاق أزمة البنزين من أجل شحن المواطنين غضبا من أجل إفشال مظاهرات 25 يناير، لكن البعض رد فى نفس المؤامرة، وقال إن المجلس لو كان ينوى شحن الناس فسيكون حريصا على عدم وجود أزمات تساعد غدد الغضب وتدفع الناس للخروج.
البعض قال إنها مؤامرة انفلات أمنى للتشكيك فى جهود وزير الداخلية لنفى قدرته على فرض الأمن ومواجهة الجريمة.. مؤامرة مختلفة أطلقتها جماعة إحنا أسفين اتهموا فيها بعض معتصمى التحرير باختلاق الأزمة لم يقولوا كيف، من أجل تسخين الناس للخروج فى مظاهرات تخريبية.
أما المؤامرة التالية فقد أطلقها مؤيدون للمجلس العسكرى قالوا إن أزمة البنزين وراءها شائعات ضخمت من الشعور بالأزمة ودفعت الناس للوقوف بتزاحم أمام محطات البنزين لتصوير الأمر أنه أزمة.
نظرية الشائعة تبنتها وزارة البترول التى أعلنت أنه لا يوجد نقص فى البنزين ولا نية لرفع السعر وأن الأمر سببه شائعة، لكن نفس وزارة البترول لم تقدم تفسيرا لنقص أنابيب البوتاجاز فى القاهرة والمحافظات لدرجة خروج الناس لقطع الطرقات وظهور سوق سوداء عجزت الحكومة عن الإمساك بها، وقال رئيس هيئة البترول إن إنتاج أنابيب البوتاجاز يتجاوز الاستهلاك بما قد يعنى أن هناك أطرافا تشترى الأنابيب وتخزنها لصناعة الأزمة.
ومن الشائعات المؤامراتية من قال إن المجلس العسكرى صنع أزمة بنزين حتى لا يساعد صانعو المولوتوف، وفى مواجهة تلك المؤامرة قال البعض إن مجهولين سحبوا البنزين استعدادا لحرق البلد.. مؤيدو حكومة الدكتور الجنزورى قالوا إن الوقفات مع أزمة البنزين مؤامرة على رئيس حكومة الإنقاذ لنسف جهوده.
أما أطرف المؤامرات فأطلقها خصوم للإخوان، قالوا إن الإخوان وراء الأزمة حتى يأتى مجلس الشعب ليحل الأزمة ويكسب الجماعة شعبية.. لا أحد تأمل الوضع أو توقف لاختبار الشائعة من الحقيقة، واعترف بأن لدينا سوء إدارة وسوء تقدير.. وأصبح لدينا عدد هائل من المؤامرات، وكل واحد يختار المؤامرة التى تناسبه.