لم تكن تلك الأيام لتمر قبل أن تترك بصماتها واضحة على قلوبنا وعقولنا وضمائرنا، لم تكن بصمات، بقدر ما كانت سقطات ولطمات لا تتركنا بسهولة، هكذا كانت أيام العام الماضى 2011 - قاسية ثقيلة كئيبة لم تترك لنا أملاً ولا بطاقة معايدة لعام جديد، أو حتى ظلالا تبشر برؤيا جديدة، بالأمس بدأنا عاماً جديداً - ندخله ونحن فى حذر من أن يكون العام الماضى قد رمى بملامحه عليه.. ولهذا فنحن نفتح أبواب العام الجديد 2012 بكل هدوء لعلها تحمل إلينا ملامح بعيدة عن أيام السأم والخوف والرعب.. كان لابد أن نعترف مع بدايات العام الجديد بأن العام الماضى كان أقسى الأعوام سياسياً ونفسياً واجتماعياً وأمنياً.. مرت مصر بأحلك ساعات القلق والضياع واللا أمل فى غد قريب، وبرغم أنى أتفاءل بالأرقام الفردية.. إلا أن العام 2011 فاجأنى على عكس كل التوقعات بأنه عام ثقيل وكئيب.. حتى لقد كرهت هذا الرقم الفردى.. وقد عاد ومعه هذا الركام من الفوضى واللا استقرار، وكل ملامح اللا منطق، بدأ العام بثورة عظيمة عشنا فى حناياها وآمنا بها واستثمرنا كل مفرداتها وعرفنا أنها ثورة شعبية وانطلاقة لمستقبل أفضل، ولكن البلطجية والخارجين عن القانون...
وربما كانت انتخابات مجلس الشعب لبرلمان 2012 هى أول أمل يشرق ونحس معه بأننا نسسير فى طريق مستقيم حيث اختار الشعب بحريته وكانت أهم انتخابات شهد لها العالم كله.. وهى ثمرة الديمقراطية التى نسعى إليها منذ سنوات.. بل إنها وصفت بأهم انتخابات منذ ستين عاما شهدتها مصر.. أما فيما عدا ذلك.. فإن الواقع الاجتماعى السياسى فى مصر كان مليئاً بالاحتجاجات الفئوية والمظاهرات التى حدث مع أغلبها خسائر وتفجيرات وإشعال حرائق خلفت وراءها الكثير من السلبيات الحضارية خاصة بعد حريق المجمع العلمى وقد كانت مفاجأة محزنة للشعب المصرى كله، أن نخسر آلاف الوثائق والمطبوعات التاريخية التى من الصعب تعويضها.. كل ذلك ترك لنا الكثير من الاكتئاب والشعور بالانسحاب والحزن على وطن هو كل أملنا وأحلامنا وكل رصيدنا من الحب والأمن وكان الشعور السائد هو انتظار المجهول بكل ما يحمل من عدم وبكل ما يشى بالأسود.. غاب معه الحب والطمأنينة والسلام الاجتماعى.. وسادت كل أساليب البلطجة، وتحول كثير من شوارع مصر إلى مرتع للخارجين عن القانون والساعين لمزيد من الحرائق هنا وهناك.. وقد رصدت وزارة الداخلية عشرات الآلاف من السرقات اليومية سواء الفردية أو الجماعية أو السيارات والمساكن بالمدن الجديدة.. وما صاحب ذلك من ترهيب للمواطنين الآمنين بعد أن تبدل الاستقرار إلى فوضى شاملة وإلى تأجيل استقرار الدولة.. كانت الأحداث سريعة متلاحقة.. وبرغم ذلك كانت أيام السنة تمر برتابة وخمول وغضب وقد تركت لنا ذكرياتها الباردة من تلاشى السلام وانتشار كل ما يوحى بالخوف.. تمر الأيام كشريط سينمائى ضبابى حزين فإذ بنا محاصرون خلف البلطجة والمظاهرات، والاحتجاجات، والمحاكمات، وحظر التجوال، وكل هذه كأنها أسلاك شائكة تحاصرنا وتطاردنا ولا تبشر بأى خير، بل هى لا توحى إلا بعدم الأمن وتقلص السياحة وانكماش الاقتصاد وكل ذلك يصب فى كيان واحد هو اللا انتصار.
يأتى العام الجديد 2012 وكلنا أمل أن يكون عام الاستقرار والحب والعدل والسلام الاجتماعى والأمن، أن يكون أكثر حكمة وأن يولى فيه الله سبحانه وتعالى - الأصلح، لقيادة الوطن، فى أصعب الأوقات، وأن تنصلح سلوكيات المصريين وتستعيد من تراثنا الإنسانى هذا الكم الهائل من القيم التى يمكن بها أن نكون من أرقى الدول.