غدًا يبدأ برلمان الثورة أول جلساته، وبعد يومين تكمل الثورة عامها الأول، وهى مناسبة يراها الكثيرون فرصه لإطلاق النسخة الثانية من الثورة. هنا يبدو الحدثان على طرف نقيض، ثورة فى الشوارع، وبرلمان يبدأ أعماله ويدين بوجوده للثورة. بكلمات أخرى شرعية الثورة يتنازعها البرلمان وشباب الثورة. أو شرعية الثورة فى مواجهة شرعية البرلمان الذى انتخبه نحو 31.7 مليون مواطن.
بالطبع لن يكسب أحد من الصدام بين الطرفين، وستخسر مصر والثورة، لكن من الممكن تجنب الصدام إذا ما نظرنا إلى نقاط الاتفاق أو المشتركات التى تجمع بين شباب الثورة والبرلمان. وهى بالقطع أكثر من نقاط الاختلاف، ومن المهم أن نعظّم من المشتركات وأن نفكر فى صيغ جديدة للتعاون والعمل المشترك بين شباب الثورة والقطاعات الغاضبة من عدم استكمال أهداف الثورة.
من أهم المشتركات بين الطرفين أن أغلبية نواب البرلمان عانوا من نظام مبارك وشاركوا فى الثورة، ولديهم انتقادات لأداء المجلس العسكرى، والأهم لديهم رغبة حقيقية وطاقة للتغيير وبناء مصر الجديدة، تماما كما هى رغبة وطاقة شباب الثورة، ولا شك فى وجود اختلافات بين الطرفين حول هوية الدولة والمجتمع بعد الثورة وأساليب تحقيق العدالة الاجتماعية، فضلا على الاختلاف حول النسخه الثانية من الثورة والتى لا يمكن أن تكون كالنسخة الأصلية، لأن التاريخ لا يعيد نفسه، فالآن لدينا برلمان وجدول زمنى لتسليم السلطة لرئيس منتخب. لكن كل هذه الاختلافات لا تمنع من وجود أهداف مشتركة لابد من التعاون والعمل معا لتحقيقها، وأهمها: إعلان البرلمان فى جلسته الأولى التزامه بتحقيق أهداف الثورة والتحقيق فى انتهاكات حقوق الإنسان ضد الثوار والمواطنين والتوافق على لجنة كتابة الدستور، وتأكيد الحق فى التظاهر والاعتصام السلمى طالما يجرى فى إطار القانون والحفاظ على الاستقرار، ما يعنى عدم التفريط فى المليونيات السلمية، لأنها السلاح الوحيد الفعال للثورة، واحترام نتائج الانتخابات وشرعية البرلمان، وإيجاد آليات مستمرة وشفافة للربط والحوار المتبادل بين البرلمان والناخبين بحيث تعكس مواقف النواب أفكار ومواقف المواطنين، وفى مقدمتهم شباب الثورة، ولا تعبر فقط عن الانتماء الحزبى أو المناورات السياسية ومصالح للنواب. وقد يكون من المفيد تخصيص قناة لنقل جلسات البرلمان بشكل مباشر ومن دون رقابة، وعدم انفصال البرلمان عن الشارع يعنى مشاركة النواب فى فاعليات استكمال الثورة، والاحتفال بها، وبحيث لا تنفصل شرعية البرلمان عن شرعية الثورة فى الميادين، ومن الضرورى الاتفاق على تعظيم صلاحيات البرلمان بحيث لا تظل حبيسة ما ورد فى الإعلان الدستورى، وحبيسة لائحة البرلمان، فالبرلمان هو صاحب الشرعية الشعبية التى تعلو وتجب شرعية المجلس العسكرى والإعلان الدستورى، ومن حقه بمنطق الثورة والديمقراطية تشكيل الحكومة، وتطهير أجهزة الدولة، خاصة الشرطة والقضاء، واختصار المرحلة الانتقالية، وانتخاب رئيس مؤقت من بين أعضائه يدير البلاد بدلا من المجلس العسكرى، الذى دخل فى صدامات مع أطراف عديدة خلقت حالة من عدم الثقة تستدعى - احتراما للجيش وهيبته ولشرعية البرلمان - أن يبتعد عن السياسة ويعود للممارسة مهامه فى حماية الأمن القومى.
تنفيذ المقترحات السابقة هو مسؤولية مشتركة لنواب البرلمان وشباب الثورة، فالنواب عليهم عدم التعالى على شباب الثورة، والاستماع إليهم، والإيمان بأن استمرار الفعل الثورى فى الميادين يدعم من شرعية البرلمان وصلاحياته، وعلى النواب أيضا الضغط على أحزابهم للتخلى عن أى صفقات مع الحكومة والمجلس العسكرى.
وفى المقابل على شباب الثورة تأكيد احترامهم لشرعية البرلمان وتجنب الصدام معه، والحوار النشط والتواصل مع كل النواب بدون تمييز فكرى أو سياسى، والعمل المشترك من أجل استكمال أهداف الثورة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
نواره حسين
لا حياة لما تنادي.... مين يسمع كلامك يا دكتور شومان
عدد الردود 0
بواسطة:
زهرة كامل
افكارك بناءة