أفضل ما فى ثورة يناير كان الأمل الذى تجدد بخروج الملايين يعبرون عن رفضهم للتزوير والظلم والفساد والقمع. هذا الأمل الذى وصل إلى ملايين الفقراء والمظلومين فى إمكانية بناء مستقبل أفضل لأبنائهم. كان هذا الأمل بسيطا وواضحا، لكنه مع التفاصيل والإجراءات بدا أنه يبتعد ويبدو أكثر تعقيدا.
المسؤول عن هذا كل من شارك فى المرحلة الانتقالية، وبالطبع يتحمل المجلس الأعلى للقوات المسلحة النصيب الأكبر، بوصفه هو صاحب القرار فى المرحلة الانتقالية، بسبب سوء التقدير وعدم تحديد الأولويات، لكن يشاركه أيضا الكثير من السياسيين ونجوم المرحلة الذين كانوا يشاركون المجلس كمستشارين أو مشاركين بالرأى. ولا يمكن تبرئة بعض من ظهروا كزعماء أو نشطاء بسلطة الإعلام والنجومية وشاركوا فى حالة التشتيت والصراعات.
وبعد عام على الثورة أصبح المتحدثون باسم الثورة متعددين، بينما الثورة نفسها تخفت خلف زحام الخلافات والصراعات، والانقسامات. والبعض يتحدث عن ثورة ثانية، بينما الثورة نفسها لم تغادر مراحلها الأولى وتحتاج إلى ما هو أكثر من الاستعراض والغضب. ومن يضمن تكرار الأحداث كما كانت، فنحن لسنا أمام شريط سينما أو فيديو نعيد تشغيله. لسنا أمام تصور واضح، أو تيار له مطالب واضحة، ولا يكفى الحديث عن تحقيق أهداف الثورة بكلام عام وغامض يخلو من التفاصيل.
هناك نشطاء فى الواجهة لمعوا واشتهروا من الصعب القول إنهم فقط ممثلو الثورة، هناك مئات وآلاف فى القاهرة والمحافظات شاركوا وفقدوا حياتهم، أو جرحوا دون أن يعرفهم أحد لأنهم غير راغبين أو غير قادرين على تقديم أنفسهم كأبطال. بينما لمع من استطاع الوصول للفضائيات أو الإنترنت.
وحتى هؤلاء الذين يحاولون إنقاذ الثورة يفعلون ذلك وهم يزرعون الإحباط فى الناس من دون أن يدركوا أن الأمل والحلم فى غد أفضل كان أهم الدوافع التى حفزّت المصريين للخروج إلى الميادين لإسقاط مبارك. والنظام لم يسقط بعشرات ولكن بملايين خرجوا أو أيدوا، وهؤلاء يجب دائما وضعهم فى الاعتبار، لأنهم هم أيضا الذين صوّتوا فى الانتخابات، واختاروا من يمثلونهم فى البرلمان.
جرت انتخابات لم يرضَ عن نتائجها الجميع، لكنها تبقى الخطوة الوحيدة التى تمت بمشاركة الشعب. وبالتالى فإن الذين يعترضون على نتائج الانتخابات هم فى الواقع يعترضون على إرادة المجموع التى قامت الثورة بسبب تزويرها. وهى مفارقة تثير اليأس فى نفوس كثيرة، مثلما يعبّر كثيرون عن مخاوفهم من حرائق جديدة تضاعف من آلام المستقبل. ولا يفترض أن يسخر بعض النشطاء من مشاعر المصريين ورغبتهم فى الاستقرار، فهو شعور إنسانى طبيعى لا يستحق السخرية أو الإدانة. ونفس الأمر بالنسبة للثوار الذين قد يسخر بعضهم ممن يختلفون معهم فى الرأى ويصفونهم بالجبن، ولا يسعون لإقناعهم بوجهات نظر أخرى. نحن فى حاجة لاستعادة الأمل، بدلا من زرع الإحباط والخوف.