حنان حجاج

تورتة الأهرام

الإثنين، 23 يناير 2012 09:54 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما بين يوم 15 يناير(2012) ويوم 11 يناير (2005) سبع سنوات من عمر الزمان وما بين تفاصيل يوم 15 يناير و11 يناير 8 طوابق من مبنى الأهرام. فما حدث بالأهرام يوم 15 يناير كان يحدث بشكل أكثر احتفالية يوم 11 يناير عيد ميلاد إبراهيم نافع، حيث يقيم نافع احتفالية ضخمة، معتبرا أنه عيد ميلاد الأهرام، فقد كانت الأهرام وقتها هى إبراهيم نافع بكل ما تعنيه الكلمة، كانت صحافة نافع المحرر الاقتصادى العادى المستوى ونافع الكاتب الذى يفكر فى عنوان المقال ويتولى الكتابة عنه فريق من صحفيى الأهرام الشباب ممن يتلمسون فيهم موهبة الكتابة والولاء ويتعاملون معهم باعتبارهم نالوا شرفا عظيما بالكتابة (للريس) كانت الأهرام هى إبراهيم نافع كاتب السلطة وبوق الرئيس كانت صحافة برائحة النظام. يوم 15 يناير لم يختلف كثيرا عن عيد ميلاد نافع السنوى اختفت وجوه، وشاخت قليلا بعض الوجوه وظهرت وجوه لأجيال جديدة تحمل نفس ملامح رجال نافع ونساء نافع اللاتى كن يجلسن فى الصف الأول ويحطن به عند إطفاء شمعة عيد ميلاده ليزغردن ويعلو صوتهن بتهنئة (الريس) بينما الرجال يهنئونه بحرارة وابتسامة امتنان بلهاء لأنه قبل أن يظل على مقعده ربع قرن، ظهرت نساء يلعبن بنفس القواعد، الصوت العالى، وتصدر المشهد والصراخ بأن الأهرام سينخرب ولطم الخدود، بينما الرجال علت أصواتهم وتنمر أصحاب الوجوه الممتنة لزوم تغير المشهد لاحتفالية جنائزية وليست احتفالية للفرح رحل نافع وترك رجاله وتلاميذه وقواعد اللعبة كما هى، والأهم قيم فساد المهنة، رحل نافع الذى اعتبر ان المحرر الشاطر هو القادر أن يحقق انفرادا إعلانيا، وأن الصحفى الذكى هو من يكون مندوبا للوزارة فى الأهرام وليس العكس، رحل نافع وقد تعلم منه رجاله وشبابه أن خدمة النظام والحزب هى أساس الترقى والنجاح، رحل نافع وأمانات الإعلام فى الحزب المنحل يحتل أغلب مقاعدها صحفيو الأهرام، بينما كانت أهم صحفية لديه هى مندوبة الأهرام فى الحزب الوطنى، رحل وقد وأد الموهوبين وهجر نظاف اليد والمهنة.

رحل نافع وأجلس على مقعده تلميذ له لم يكن يملك من الإبداع ما يضيفه على ما فعله أستاذه، إلا مزيدا من المزايدة على خدمة النظام وصلت قمتها فى الصورة التعبيرية الشهيرة وتغطية انتخابات مجلس الشعب الكاملة التزوير ومقالات أحمد عز محلل وراعى عملية التزوير المفضوحة، رحل نافع وترك من يجيدون لطم الخدود والجرى خلف الريس بدءا من رئيس القسم وصولا لرئيس التحرير، رحل وترك الشللية والتآمرات الليلية والحق المختلط بالباطل، والولاء المرتبط بالمصلحة والنشر المرتبط بالولاء، رحل نافع قبل 6 سنوات وترك الأهرام خارج سياق الزمن كمعبد فرعونى عتيق يوزع الرؤساء على أنفسهم فيها هالات القداسة، كما يوزعون حصص مكافآت الإعلانات على من يريدون، رحل وتركها غير قادرة على قبول سنة الحياة، رحل تاركا بعض نفوس الضباع ليقودوا ميليشيات يوم الأحد المشهود مدافعين عن مصالحهم وشرايين النفوذ والأموال التى تضخها المناصب فى جيوبهم كل صباح تحالف أصحاب المصالح والمناصب، معلنين رفض التغيير ولو على جثثهم، لكنها كانت جثة واحدة جثة الأهرام. انتصر منطق القوة وحفلة عيد الميلاد التى يحضرها الجميع أملا فى الرضا وانتظارا لنفحة القائد وقطعة من تورتة عيد الميلاد.

حدث الأحد المشهود ليس مجرد خبر (نشر مغلوطا) يحمل اسم رئيس تحرير بعينه ولا قيادات بعينها الحدث هو موقعة (جمل أهرامية) ضد أول محاولة للتغيير والتخلص من رجال النظام السابق ورموز الصحافة الميتة الضمير والمهنة، التى تملأ جيوب أصحابها ذهبا. الحدث انتصار لميليشيات لا تتعامل مع الأهرام باعتباره مؤسسة قومية وجزءا من تاريخ مصر، بل حفل من حفلات نافع عليهم أن يلتهموا أكبر جزء من التورتة فيها طالما وقفوا فى الصفوف الاولى واحتلوا المقاعد القريبة، وما بين اللاطمات والصارخات وميتى الضمائر ونجوم الفضائيات سقطت قيمة اسمها سمعة الأهرام، ومعها كرامة صحفيين شرفاء لا زالوا قابضين على جمر ضمائرهم ومهنتهم، رغم كل سنوات نافع وحفلاته.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة