صباح يوم الثلاثاء الأول من فبراير العام الماضى، قابلت الصديق والنائب البرلمانى الحالى الدكتور عمرو الشوبكى فى ميدان التحرير، كان هذا اليوم هو الأول فى اختبار نداء الحشد بمليون متظاهر فى الميدان.
نزلت من كوبرى أكتوبر وفى التاكسى الذى نقلنى إلى الميدان، كان أكثر ما يشغل السائق هو، هل سيزحف مليون إلى الميدان فعلا أم لا؟، كان السائق شابا وخريجا جامعيا، وقال لى: «أنت آخر زبون ستركب معى، علشان هجرش التاكسى وأروح الميدان»، وسب مبارك ونظامه بقسوة: «ولاد الكلب سرقونا ومبعرفش الراحة ولا النوم، علشان أقدر أعيش من الشغل على التاكسى، وبكالوريوس التجارة اللى حصلت عليه منفعنيش فى حاجة، وأنا بشتغل على تاكسى زى أى واحد ما تعلمش»، واختتم فضفضته بحرقة: «آه يا ولاد الكلب كفاية عليكم سرقة».
توقف التاكسى ناحية المتحف المصرى وشاهدت الفنان طارق النهرى يساعد فى تنظيم المرور فوق الكوبرى، ويوجه السيارات التى تبحث عن مكان، مشيت مع الآلاف الزاحفة وبعد التفتيش، ودخلت الميدان لأقابل عمرو الشوبكى، وبدأنا التجول ولأن الشوبكى وجه تليفزيونى معروف، توجه الناس من مختلف الفئات إليه بالأسئلة، وأشاركه فى الإجابة عليها، وجميعها تدور حول ما إذا كان هذا اليوم فاصلا وسيشهد تنحى مبارك بعد أن يصل العدد إلى المليون، كان الحماس بالغا، وسقف المطالب قد ارتفع ولم يعد ينفع أى مسكنات معه، وكانت أغنيات عبدالحليم حافظ الوطنية تلهب الحماس.
غادرنا الميدان نحو التاسعة مساء، أنا وأصدقاء من قريتى بينهم الناشط والصحفى سيد الطوخى، متوجهين إلى مسكنه للمبيت عنده، وبعد طول انتظار عند كوبرى ناهيا «لم ينقذنا إلا دبابة من الجيش».
انتظرنا طويلا لحظة الفرج، حتى شاهدنا دبابة يقودها جندى ومعه ضابط برتبة رائد، نادينا عليه على سبيل المزاح: «فيصل.. فيصل»، فتوقفت الدبابة مع ضحكة جميلة ومريحة من الضابط، وما هى إلا ثوان حتى فوجئ بنا وآخرين نصعد إلى الدبابة، ومع تبادل القفشات وتحذيره لنا، قال الضابط للجندى: «توكل على الله»، وواصلت الدبابة سيرها بعد أن قامت بدور «التاكسى»، وكان ذلك تأكيدا على شعار: «الجيش والشعب إيد واحدة».