سبحان من له الدوام، فى عام واحد تبدل الحال وأصبح أصحاب السلطة فى السجون، ومن قضوا معظم حياتهم فى السجون تقلدوا السلطة، ورحم الله شهدائنا الذين دفعوا ثمن كل هذا، والهم أهاليهم الصبر على ما فات وتحمل ما هو آت، وعلينا جميعا أن نعتبر، فلا مال نفع ولا سلطان شفع، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
حكى لى أحد المحامين من تيار الإخوان المسلمين أن زوجة أحد القيادات فى الجماعة ذهبت معه فى زيارة لزوجها فى سجن طرة فى عام 2010، وإذا بها وهى فى انتظار موعد الزيارة أمام السجن تقول وهى تنظر إلى السماء: يارب ألا يأتى يوما وأرى سوزان مبارك تقف الموقف نفسه الذى أقفه الآن؟ هنا ردد المحامى فى نفسه، يبدو أن السيدة من تعدد المرات التى سجن فيها زوجها فقد أثر ذلك على عقلها لدرجة جعلتها تتخيل أمرا كهذا، سوزان مبارك إيه اللى تقف أمام سجن طرة فى انتظار الزيارة، وقال لى فى هذه اللحظة بدأت أتعامل مع زوجة هذا القيادى الإخوانى المسجون بنوع من الشفقة، وأراد رب السماء أن يقضى أمرا كان مفعولا و فى أقل من سنة من هذا الموقف تتحقق دعوة هذه السيدة وتقف سوزان مبارك أمام باب سجن طرة ويذهب زوج هذه السيدة من السجن إلى كرسى البرلمان، حكايات بل آيات، لابد أن نقف أمامها وسيقف أمامها التاريخ طويلا.
لكن مما لا شك فيه أنه فى يوم 24 يناير من العام الماضى، لم يكن يتخيل أى فرد فى جماعة الإخوان أو أى قيادى فى مكتب الإرشاد أنه فى خلال سنة بالتمام والكمال سيصبح مسؤولا عن حكم مصر.
لن نناقش كيف أتى الإخوان إلى البرلمان أو ماذا فعلوا لحصد هذا الكم الهائل من المقاعد، لكن علينا التعامل مع الأمر الواقع وهو أن من يحكم مصر الآن قانونا هم جماعة الإخوان المسلمين، نظرا لما يتمتعون به من أغلبية فى البرلمان تستطيع سن التشريع بمفردها وإسقاط أى حكومة أو منحها الثقة.
لكن السؤال، هل كان الإخوان على استعداد أن يرتبوا أوراقهم ليحكموا مصر خلال سنة؟ وهل لديهم من الكوادر التى تصلح كى تتولى حقائب وزارية وتحقق خطوات إيجابية تنال رضا الشعب المصرى؟ وهل سيطبقون مبادئ المشاركة لا المغالبة التى كانوا ينادون بها فى العهد السابق؟
لا ينكر منصف أن الإخوان تحملوا كثيرا من أموالهم وحريتهم على مدى عصور سابقة، لكن إسقاط نظام مهمة لها مقومات، وبناء الدولة مهمة لها مقومات مختلفة تماماً، عليهم الآن أن يشكلوا وزارة إخوانية لتتحمل المسؤولية لا سيما الحقائب الوزارية الاقتصادية، وهى التى سيعول عليها تماماً فى المرحلة المقبلة، كذلك الملف الأمنى وسياسات تطهير وزارة الداخلية وهل سينسى الإخوان الثأر التاريخى بين كل فرد من أفراد الجماعة وبين ضباط وأفراد الداخلية؟ فكثير ممن هم فى البرلمان الآن هم من رواد السجون بانتظام وأيام كثيرة كانت الشرطة بأفرادها الحاليين يذهبون إليهم فى بيوتهم ليلا ويقتادوهم إلى المعتقلات، ويقف القيادى فى الإخوان أمام رائد شرطة ليحقق معه باعتباره ينتمى إلى جماعة محظورة قانونا، أما الآن فكبار اللواءات بالداخلية يؤدون التحية لرئيس مجلس الشعب الإخوانى أثناء دخوله وخروجه من المجلس، ورئيس المجلس يستدعى وزير الداخلية للمثول أمام البرلمان.
نحن فى انتظار أفعال وتصرفات الإخوان فى المرحلة المقبلة وعلينا أن نحكم، «وإن كانت البوادر وضحت فى انتخاب رؤساء اللجان فى مجلس الشعب واستئثار الإخوان بأغلبية تلك اللجان»، وننتظر المرحلة المقبلة والمعركة الكبيرة المتعلقة بالدستور، كيفية اختيار اللجنة التأسيسية وما هى المواد المقترحة، وشكل الدولة ونظام حكمها فى المرحلة المقبلة.
لكن هناك مواقف لا أعرف ماذا ستفعل الدولة المصرية فيها وهى تحكم من الإخوان؟ مثلا لو اعتدت إسرائيل على غزة، هل سيأمر الإخوان أصحاب السلطة الجيش المصرى صاحب القوة بالتدخل فى هذا النزاع للوقوف أمام إسرائيل؟ وكذلك حدود مصر مع قطاع غزة وحمايته من قبل الدولة المصرية وفقا لمعاهداتها الدولية.
وأيضا العلاقة بين مصر وإيران، ووجهة نظر الدول الخليجية فى ذلك، وعلاقات مصر مع الدول العربية، وهل الآن الاتصال بأمريكا حلال شرعا وضرورة من ضرورات الحكم، أم أنه نوع من العمالة كما كان يطلق على النظام السابق؟
كذلك فى الشأن الداخلى كيف سيتعامل أصحاب الأغلبية الحاكمة مع الأقلية المعارضة؟ وهل سيأخذ رئيس الوزراء القادم تعليماته من رئيس الدولة أم من مكتب الإرشاد؟ وهل يمكننا أن ننتقد مرشد الإخوان دون أن نتعرض لأى نوع من المضايقات؟ ومن سيختار الإخوان من الصحفيين ليكونوا رؤساء تحرير الصحف القومية؟ وكيف سيكون شكل الإعلام الرسمى للدولة فى ظل دولة يحكمها الإخوان؟
كذلك ماذا سيفعل الإخوان مع القادة الحاليين للمجلس العسكرى بعد تسليمهم السلطة، هل سيقررون مراجعة إقرارات ذممهم المالية، أم سيقولون المسامح كريم ولا ماسبيرو ولا محمد محمود ولا حاجة ويا بخت من قدر وعفى؟
كل هذه الأمور علينا أن ننتظر ونراقب ماذا سيفعل الإخوان فيها، لكن عليهم أن يعلموا ويتعلموا من أخطاء من سبقوهم فى حكم مصر، وعليهم أيضاً أن يتخيلوا ويقدروا الطاقة الكبيرة التى ولدتها ثورة يناير لدى الشباب المصرى، وأن البيوت المصرية لم تعد تهاب أن تفقد أبناءها فداءً لحرية هذا البلد.
أحيانا الإرادة والعزيمة تكون أقوى بكثير من كثرة العدد، يا خبر بفلوس بكرة يبقى ببلاش، لكن حذارِ أن يتخيل أى من كان أن هذه البلد ملكه وحده أو أن قوته العددية تجعله ينفرد بمقدراتها، وعلينا أن نتعاون جميعا لخدمة هذا البلد وأن تكون المناصب بالكفاءات وليست بالانتماءات.
يا أيها الإخوان، ماذا أنتم فاعلون بنا؟ هنيئا لكم الانتصار ولننتظر نتيجة الاختبار.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ياسر المحمدى
لماذا كل هذه الأسئلة ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
من االاخر اذا لم يركع الاخوان او غيرهم للشعب فنهايتهم اقرب مما يتخيلوا
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو محمد الحفناوى
واعتصموا بحبل الله جميعا
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد الدق
انشاء الله الاخوان قادرون على كل ما قلته واكثر
عدد الردود 0
بواسطة:
الدكتور عمر عادل
الى الاخ صاحب التعليق رقم 2
عدد الردود 0
بواسطة:
soaad
الى رقم 2 المشكلة انك فاهم ان الشعب هم كل من يخرج للتحرير للإحتجاج
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري حتي النخاع
الاخوان المسلمين امل الامة
عدد الردود 0
بواسطة:
مجدى رضوان
الاخوان امل الامة وقلبها النابض بالعطاء
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
لما نشوف
عدد الردود 0
بواسطة:
انشر
مقال جيد في مجمله لكن