يرى البعض أن يترك الإخوان منصب رئيس مجلس الشعب، لباقى القوى السياسية، فلا ينافسون عليه، ولا يتطلعون إليه، رغم أن الإخوان أغلبية، ورغم أن مرشحى الإخوان هم الذين اكتسحوا فى انتخابات شرعية.
لماذا؟ قالك حتى يثبت الإسلاميون، أنهم دخلوا ساحة السياسة، للمشاركة لا المغالبة.
المعنى مضحك، والمطلب مثير.. فالقوى السياسية، تطالب الإخوان، بما لا تفعل، وتصر على ما لم تكن لتفعل لو كانت مكان الإخوان.
المثل الإنجليزى يقول: لا يجب أن تنصح بما لا تستطيع، فى المقابل، يقول آخر: عليك أن تفعل ما أقول، لا أن تفعل كما أفعل.. المثلان متناقضان، والمعنى واضح.
السياسيون من غير الإسلاميين، أمام معضلة شديدة الوطأة.. هم لم يستطيعوا التشكيك فى سير العملية الانتخابية، فلا أمكنهم الادعاء بالتزوير، ولا استطاعوا الترويج إلى أن التجاوزات البسيطة كانت سببا فى ارتقاء الإسلاميين ظهر الحصان.
فى الوقت نفسه، هم لا يتقبلون أن الإخوان قد ارتقوا فعلا.. ظهر الحصان.
بعضهم يرفض، للآن الانصياع لنتائج فرز صناديق التصويت، لذلك قالوا إن الإسلاميين لعبوا على المشاعر الدينية تارة، وتارة أخرى، أنهم استقطبوا الناخبين بالعاطفة، رغم أن السياسة استقطاب، ولا محل للجدل بعد فرز الأصوات.. فالصناديق فى الانتخابات، مثل أحكام القضاء فى ساحات المحاكم.. مرآة الحقيقة.
ليس غريبا وفق هذا التصور، أن يطالب الساسة من غير الإخوان، بما لن يفعلوه لو كانوا مكان الإخوان.
فلو حل حزب المصريين الأحرار كأغلبية فى مجلس الشعب، لاعتبر المطالبات، بتركه منصب رئيس المجلس، لقوى أخرى، دربا من "الرغى" و"الكلام الفارغ".. ولو كان حزب العدل قد حصد 63% من أصوات الناخبين، ثم طالبه الإخوان، ألا يفكر فى احتكار منصبى الوكيلين، تحت القبة، لقال رئيس الحزب إن الإخوان المسلمين.. من الممترين.
ليس دفاعا عن الإخوان، لكنها محاولة للانتصار إلى ديمقراطية حقيقية، كان الليبراليون أول من طالبوا بها، وليس منطقيا أن يعودوا هم أنفسهم، للتحايل عليها.
صحيح التيارات الدينية، لن تساهم فى بناء دولة مدنية.. وفى التاريخ الحديث، لم تستطع التشكيلات السياسية الدينية، ولا أحزابها إقامة نظم ديمقراطية، وربما لم تنشئ أنظمة مستمرة من الأساس، لكن هذا لا يعنى أن نفقد الإيمان بمحددات تقيم الدولة، حيث لا دولة دونها.. ولا يحزنون.
فى الطريق للديمقراطية، لا يمكن تأويل نتائج الانتخابات، بمليون حجة، وبوازع من تريليون مسمى لا يخرج عن "تهويمات" يتم تداولها على مقاهى المثقفين بوسط البلد، والثوريين، بالنادى اليونانى.. بوسط البلد أيضًا.
ربما لعب الإسلاميون على العاطفة فى الشارع، لكن هذا لا ينفى أن الليبراليين والقوى الأخرى، لم تكن فى الشارع من الأساس، فلا خلفت لها أرضية، ولا واجهت اللعب على العاطفة.
الإخوان استقطبوا الناخبين، هذا حدث، والذى حدث أيضا، أن مرشحى الأحزاب والقوى الأخرى حاولوا وفشلوا.. ولما فشلوا، قلبوا الدنيا، ودبدبوا فى الأرض بأقدامهم.
للإنصاف، تواجد الإسلاميين فى الشارع، بينما تواجدت رؤوس القوى السياسية الأخرى فقط على شاشات الفضائيات.. والإخوان هم الذين انتشروا فى الحارات، وزينوا الأزقة، ووضعوا الكهارب وجددوا المساجد فى العيدين، بينما شجب محسوبون على الليبراليين ودعاة الحريات، تجديد المساجد، واللعب بالدين.. من منازلهم.
العبرة فى مصر الجديدة ليس بمن الذى وصل، الآن، من الميدان إلى البرلمان، لكنها، فى من الذى عليه أن يصل فى المستقبل، وما السبيل إلى ذلك.
الوضع لايزال مقلوبًا، ودعاة الديمقراطية، يطالبون بديمقراطية على "الكيف".. تماما، كما يطالب الثوريون، بأحكام قضائية، حسب "الهوى"، وعلى أساس أن ما يصدر من أحكام، على خلاف "الهوى".. يستوجب بالضرورة تطهير القضاء!
ليس منطقيا، أن يجلس اللاعبون على طاولات "الشطرنج"، بخبرات "السلم والثعبان".
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
lمحمد خليفة
رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد
اشرف بالتعليق علي مقالك