مبادرة «سلمية الثورة» التى أطلقها ممثلو ائتلافات الثورة ونشطاء القوى والحركات السياسية فى «ساقية الصاوى» بالزمالك قد تكون جاءت متأخرة كثيرا، إلا أن الاتفاق عليها من النشطاء والائتلافات فى هذا التوقيت تحديدا يمنحها الأهمية القصوى والضرورة البالغة فى هذا التوقيت بالذات لتوحيد المطالب ولم الشمل بين كل القوى الثورية الحقيقية بعد حالة من التمزق والتشتت وركوب بعض الانتهازيين والمتاجرين والمزايدين موجة الثورة بعد أن أصابتهم أعراض الثورة المتأخرة.
أقول القوى الثورية الحقيقية والثوريين الحقيقيين الذين رفعوا منذ البداية شعار سلمية الثورة دون اللجوء إلى العنف، فتحقق لهم مع الشعب ما أرادوا وأبهروا العالم بالنموذج الراقى للثورة المصرية الإنسانية بشعارات الحرية والتغيير والعدالة والاجتماعية، حتى تنحى الرئيس المخلوع فى فبراير، لكن ما حدث بعد ذلك من جنوح والبعد عن الأهداف الأصيلة وبروز التيارات الحزبية والدينية ومحاولتها توظيف المشهد الثورى الرائع لأغراض ومصالح سياسية، أصاب المشهد بالخلل والتشويه قليلا، مدفوعا بأحداث عنف أريقت فيها الدماء المجانية، وغابت الأهداف عن الصدارة لندخل فى دوامة ثنائية الصراع مع الأمن والمجلس العسكرى، واختزلت الثورة أو من جنحوا بها فى صراع وكسر عظام بين المتظاهرين والمجلس وهو ما تسبب فى تآكل الشرعية الشعبية للثورة التى قام بها جموع الشعب، وفى مقدمتهم الثوريون الحقيقيون.
الآن لدينا مبادرة مهمة للغاية ونحن على أبواب الذكرى الأولى لثورة يناير، وعلينا جميعا أن نلتزم بما قررته وجعل قراراتها وما نتج عنها ميثاقا للثورة وخطابا إعلاميا واضحا ومحددا للرأى العام لإعادة الاتزان من جديد للمشهد الثورى الرائع الذى بزغ فجره يوم 25 يناير واستعادة الشرعية الشعبية الكاملة واستعادة روح يناير وتفويت الفرصة على من يحاول التشويه وتلويث السمعة، سواء من بعض الموتورين والمدفوعين لإذكاء الفتنة والعنف، أو من هم فى حكم البلاد الذين نجحوا فى فترة الاهتزاز فى الشهور الماضية فى تشويه الثوريين الحقيقيين.
الذين أطلقوا المبادرة يستحقون التحية والدعم والتأييد لأنهم أثبتوا أنهم الثوريون الحقيقيون الرافضون للعنف والإضرار بالمنشآت العامة والخاصة والمحافظون على سلمية الثورة وأهدافها النبيلة.
المبادرة أعتقد أنها فرصة لإعلان كيان سياسى بعد ذلك للثورة يكون له الحق وحده بالتوافق الوطنى العام فى التحدث باسم الثورة بعيدا عن دعوات السفهاء والمخربين.